Revelation of the Throats in Silencing the Opponent When Considering the Rulings of Destiny

Ibn al-Hajj al-Qanawi d. 598 AH
77

Revelation of the Throats in Silencing the Opponent When Considering the Rulings of Destiny

حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

Investigator

عبد الله عمر البارودي

Publisher

مؤسسة الكتب الثقافية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1405 AH

Publisher Location

بيروت

الْمَحْض وَمن الْعرف الْجَارِي بِهِ الْعَادة فِيمَا يتخاطب بِهِ الْخلق فظنوا أَن كَلَام الله مثل كَلَامهم فحكموا على الْغَائِب عَنْهُم بِالشَّاهِدِ عِنْدهم وَمن قَاس الْغَائِب على الشَّاهِد فقد أَخطَأ عِنْد جمَاعَة الْمُتَكَلِّمين واهل الْعقل أجميعن فَلَا يحمل علم الْعَالم على جهل الْجَاهِل وكونهم يَقُولُونَ لَا يفهم كلَاما إِلَّا صَوتا وحرفا فَكَلَام الْعَوام وَمن لَا يدْرِي شَيْئا وَلَا يعرف أحقيقة لَا وَلَا مجَازًا وَسبب ذَلِك كُله عدم ممارستهم للْعُلَمَاء بل لطلبة الْعلم من أهل الْكَلَام فَهَؤُلَاءِ فرطوا وَأُولَئِكَ أفرطوا وَأهل الْحق جمعُوا بَين الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول أَي بَين الْعقل وَالشَّرْع واستعانوا فِي دَرك الْحَقَائِق بمجموعهما فسلكوا طَرِيقا بَين طريقي الافراط والتفريط وسنضرب لَك مِثَالا يقرب من إفهام القاصرين ذكره الْعلمَاء كَمَا أَن الله تَعَالَى يضْرب الْأَمْثَال للنَّاس لَعَلَّهُم يتذكرون فَنَقُول لِذَوي الْعُقُول مِثَال الْعقل الْعين الباصرة مِثَال الشَّرْع الشَّمْس المضيئة فَمن اسْتعْمل الْعقل دون الشَّرْع كَانَ بِمَنْزِلَة من خرج فِي اللَّيْل الْأسود البهيم وَفتح بَصَره يُرِيد أَن يدْرك المرئيات وَيفرق بَين المبصرات فَيعرف الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود والأحمر من الْأَخْضَر والأصفر ويجتهد فِي تحديق الْبَصَر فَلَا يدْرك مَا أَرَادَ ابدا مَعَ عدم الشَّمْس المنيرة وَإِن كَانَ ذَا بصر وبصيرة وَمِثَال من اسْتعْمل الشَّرْع دون الْعقل مِثَال من خرج نَهَارا جهارا وَهُوَ أعمى أَو مغمض الْعَينَيْنِ يُرِيد أَن يدْرك الألوان وَيفرق بَين الْأَعْرَاض فَلَا يدْرك الآخر شَيْئا ابدا وَمِثَال من اسْتعْمل الْعقل وَالشَّرْع جَمِيعًا مِثَال من خرج بِالنَّهَارِ وَهُوَ سَالم الْبَصَر مَفْتُوح الْعَينَيْنِ وَالشَّمْس ظَاهِرَة مضيئة فَمَا أجدره وأحقه ان يدْرك الألوان على خقائقها وَيفرق بَين اسودها وأحمرها وأبيضها وأصفرها فَنحْن بِحَمْد الله السالكون لهَذِهِ الطَّرِيق وَهِي الطَّرِيق الْمُسْتَقيم وصراط الله الْمُبين وَمن زل عَنْهَا وحاد وَقع فِي طَرِيق الشَّيْطَان المتشعبة عَن الْيَمين وَالشمَال قَالَ تَعَالَى ﴿وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ وَلَا تتبعوا السبل فَتفرق بكم عَن سَبيله﴾

1 / 94