186

Hayat Sharq

حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره

Genres

ويجب على المسلمين من أهل الشرق أن يتمسكوا بدينهم، ولا سيما بما كان منه ذا مساس بالاجتماع والسياسة والاقتصاد ، بعد أن ثبتت للملأ حكمة هذه المبادئ وصلاحها لكل زمان ومكان، وأن لا ينسوا أن الإسلام قانون وحضارة، وأخلاق ونظم اجتماعية وإصلاح، ترمي جميعها إلى سعادة الإنسانية، كل ذلك بقدر ما فيه من عبادات وعقائد. ولا يغيبن عن أذهان المسلمين، حتى المنورين منهم والمقلدين للغربيين، أن أهل أوروبا متمسكون بدينهم التمسك كله، ولو دانوا بالإسلام من قديم ما هجروه كما هجره ذووه.

ويجب أن يكون الحب ديننا الأعظم ورائدنا في أفكارنا وأعمالنا، فإن دين الإسلام في جوهره قائم على حب الإنسانية والبر بها والإحسان إليها، ينبغي لنا أن نحب الناس ونصفح عنهم ونستغفر لهم لنقنعهم بدين الحب ليؤمنوا به ويتحلوا بجماله وجلاله.

ويجب أن نبغض العنف وأن لا نقابل الشر بمثله، فإن الحب والخير قوتان خالدتان وهما من روح الرحمن، كما أن البغض والشر معولان للتخريب وهما من خبث الشيطان ووسوسته.

ويجب علينا أن نستغني بالمبادئ الثابتة في أدياننا المنزلة بالإحسان والمعونة والبر ومكارم الأخلاق ففيها كفايتنا، وأن ننبذ كل ما يبدو لنا فاتنا أو جذابا مما يزينه لنا أهل الغش والنفاق، وأن نحذر الوقوع في هوة روسيا الشيوعية فإنها لا تختلف عن روسيا القيصرية في عداوتها للشرق والإسلام. وإذا مدت أوروبا أيديها إلينا مصافحة على قاعدة المساواة والإخاء والحب الإنساني والعمل لخير الجميع، حق علينا أن نمد لها أيدينا لنتعاون معها على الإصلاح وتحرير الدنيا من قيود الفاقة والظلم والجهل والعبودية، فإن الشرق يريد الوفاق مع الغرب على أساس المساواة والعدل والإخاء، ولا تنس أن إنجلترا حالفت اليابان بعد أن أثبتت أمة الشمس المشرقة قدرتها على الكفاح في ميدان الوجود. ويجب علينا أن نؤلف عصبة أمم شرقية للاتحاد وأوروبا على الخير والمحبة فإن المستقبل لله والوحدة الإنسانية في الشرق والغرب.

وقد جاءت في القرآن الشريف آيات مجيدة تنبئ بهذه المبادئ العامة السامية لأنها من أسس الحياة العالمية، كقوله جلت قدرته:

قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم

الآية (سورة آل عمران).

يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (سورة الحجرات).

وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب (سورة المائدة).

ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك (سورة هود).

Unknown page