Hayat Sharq
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
Genres
قبائل العرب، التي تتكون منها الطبقة أو الفصيلة الثانية. وظيفتها الحراسة وحماية الأهالي وإدارة القرى والأعمال الحكومية. وهي أشبه بطبقة الحكام المسئولة عن الأمن والنظام وحسن الإدارة، وهي تشمل طبقة الأرستقراطية الحاكمة. (3)
أما طبقة الضعفاء فهي اليد العاملة الأمية، ومنهم التاجر والصانع والزارع والجعيل، وهم مصدر الثروة وعليهم تتوقف عمارة البلاد فهم طبقة العمال والعمود الفقري للأمة، بل هم سواد الأمة وذخيرتها، ومع ذلك فهم أقل الطبقات احتراما لجهل أصولهم وكونهم خليطا من أمم وقبائل شتى.
فأنت ترى أهل حضرموت يعيشون إلى الآن في نظام اجتماعي سابق للتاريخ بالنسبة للحالة الاجتماعية الحاضرة، وأقرب إلى العصور الأولى منه إلى هذا العصر، وأشبه الأشياء بما كانت عليه مصر في عهد الأسر المالكة وما عليه الهند في وقتنا الحاضر وهو نظام «الكاست».
ففصيلة السادة العليا هي ذات الوجاهة والمكانة.
وفصيلة القبائل متوسطة في المكانة والمركز.
وفصيلة الضعفاء هي المنحطة النازلة.
وهؤلاء السادة أو الهاشميون أهل الفصيلة أو الطبقة الأولى يعتقدون أنفسهم أرقى إنسانية من مجاوريهم، وأن أرواحهم تلطفت وتطهرت بما تسلسل فيها من التهذيب في البيوت المجيدة أحقابا وأجيالا طويلة فهم ناس ولكنهم قريبون من الملائكة! وترى أن الطبقتين الأخيرتين تعتقدان هذا الاعتقاد فيهم ولا يرون في ذلك حرجا، لأن الطبقة الثانية تعتقد هذا الاعتقاد في نفسها بالنسبة للطبقة الثالثة.
وقد عاش الحضارمة في بلادهم على هذا النظام دهورا طويلة لا يعرف أولها، ولم يحاول أحد منهم الخروج عليه أو تبديله بسواه.
فلما هاجروا إلى جزائر الهند الشرقية وتغير وسطهم وبيئتهم وعاشوا في جو غير جو جزيرة العرب وتبارت الهمم؛ تنبهت العواطف في بعض الأشخاص الذين كانت قوتهم كامنة، واشرأبت أعناق الضعفاء وتطلعت نفوسهم للمساواة والوقوف من العظماء والسادة موقف الأنداد. وهذه حركة تشبه نهوض الأنجاس في الهند.
وقد رأى بعض النجباء من طبقة الضعفاء أن هذا التقسيم مخالف للطبيعة والمدنية، وأن عهد العظمة الموروثة والتمجد قد زال وتلاشى، وأن في الخضوع لآراء المحافظين مذلة وهوانا وظلما لا يرضاه الله ولا ترضاه الإنسانية، وأنهم إن رضوا بهذا التفضيل في حضرموت فذلك لأنهم كانوا يجهلون حقوقهم أو يفرطون فيها، ولكن هجرتهم إلى الجزائر فتحت أعينهم وفتقت أذهانهم وجعلتهم يحتكون بالأمم الراقية من أوروبية وغيرها ممن لا يخضعون لتلك القواعد القاسية الاستبدادية، وقد وجدوا سندا في الإسلام الذي سوى بين المسلمين ولم يفضل أحدا على أحد إلا بالتقوى والعلم ومكارم الأخلاق. ورأوا من أحوال الأمم أن القوانين الدولية تكفل الحرية والمساواة وصيانة الحقوق، وأن أعظم الأغنياء والعلماء والساسة نشئوا من طبقة الفقراء وشقوا لأنفسهم سبيلا بجهودهم وذكائهم ولم يعترضهم أحد.
Unknown page