وقد ظل هذا «التعاون» الأدبي متصلا بين الرافعي وصديقه الأستاذ حافظ عامر إلى ما قبل موت الرافعي، ولكن هذا «التعاون» قد خرج من نطاق القضايا والمحاكمات إلى نطاق أدبي آخر ليس من حقي أن أتحدث عنه اليوم ... وعند الأستاذ الزيات بقية الخبر، تحدث به الرافعي إليه في مجلس ضمنا نحن الثلاثة ... •••
أشرنا في بعض ما سبق من هذه الطبعة إلى ما أجملنا ذكره في الطبعة الأولى من خبر «رسالة الحج» المنسوبة للمرحوم حافظ عامر قنصل مصر في جدة سابقا
4
على أن ما ذكرناه إجمالا في الطبعة السابقة لم تخف حقيقته عن كثير من القراء، ففهموا ما قصدنا إليه، وإن كنا لم نقطع برأي أو خبر في نسبة تلك الرسالة، وقد كتب إلينا صديقنا الأديب السيد حسين نصيف من جدة في سنة 1943 يقول: «إن هذه الرسالة ليست من تأليف حافظ عامر، ولا من إنشاء الرافعي، وإنما نقلها أولهما عن ترجمة إنجليزية مخطوطة لكتاب بالأردية عن «أسرار الحج»، ولم يكن يعلم أن النسخة الأردية قد نشرت على قرائها في الهند قبل ذلك بسنين، وأن ترجمتها الإنجليزية قد سبقت النسخة العربية التي نشرها حافظ عامر في القاهرة بمعونة صديقه الرافعي»، ولكي يبرهن صديقنا الأستاذ نصيف على دعواه بعث إلينا بالنسخة الأردية لنوازن بينها وبين رسالة حافظ عامر، فدفعناها إلى صديقنا الأستاذ محمد حسن الزيات - رد الله غربته - ليقارن بين الأصل و«الصورة» ففعل، ولا تزال تلك النسخة الأردية عنده حتى اليوم، وقد نشرت مجلة «الرسالة» في ذلك الحين دعوى السيد حسين نصيف والرد عليها، وتناولنا موضوعها بالتعليق في بعض ما كنا نكتبه وقتئذ في مجلة «الثقافة» بتوقيع «قاف» تحت عنوان «الصحافة والأدب في أسبوع».
فإذا صح هذا الذي رويناه - ونحن نميل إلى تصحيحه - فإن عمل الرافعي في تلك الرسالة التي نشرها المرحوم حافظ عامر منسوبة إليه، لا يعدو عمل المنشئ وصاحب البيان لفكرة زعم له صديقه أنها فكرته! •••
ونعود إلى حديث المقالات المنحولة فنقول: في شهر ديسمبر من سنة ما، قصد الأستاذ جورج إبراهيم صديقه الرافعي، يطلب إليه أن يعد كلمة عن المسيح لتلقيها فتاة مسيحية في حفلة مدرسية في ليلة عيد الميلاد ...
وكتب الرافعي المسلم كلمة مسلمة في تمجيد المسيح فدفعها إلى صديقه، وألقتها الفتاة في حفل حاشد من المسيحيين المثقفين فخلبت ألبابهم واستحقت منهم أبلغ الإعجاب.
وفي الشهر التالي كانت هذه الخطبة المسيحية الرافعية منشورة في «المقتطف» منسوبة إلى الفتاة، وكانت عند أكثر القراء المسيحيين إنجيلا من الإنجيل.
تحت يدي الآن النسخة الأصلية من هذه الخطبة مكتوبة بخط الرافعي، وهي النسخة التي بعث بها إلى صديقه الأستاذ جورج ليدفعها إلى الفتاة، وفي صدرها بخطه إلى صديقه:
هذا ما تيسر لي على شرط الفتاة، فنقح فيه ما شئت، واضبط لها الكلام، والسلام.
Unknown page