بدأ كثير من الشبان يهتمون بما كتب الرافعي؛ إذ كان بهذا الموضوع يعالج مشكلة كل شاب عزب، وتضاعفت رسائل القراء إليه، وطال الجدل في موضوعه بين طوائف من الشباب في مجالسهم الخاصة ...
فلما كانت أيام بعد مقالة «س، أ، ع» جاء إلى مجلسنا في القهوة شاب من أصدقائنا المتأدبين، هو الأستاذ إسماعيل خ، وهو محام ناشئ له ولوع بالأدب وشهوة في الجدل، وفيه إلى ذلك لين في الخلق وشذوذ في الطبع، وكان الرافعي يعرفه عرفاننا، فما رآه حتى وجد فيه عنوان مقالة ... فمال عليه يسأله ضاحكا ...
وأجاب الأستاذ إسماعيل: «الزواج؟ وما يحملني على هذا العنت؟ أتريدني على أن أبيع حريتي من أجل امرأة؟ ...» ومضى يؤيد دعواه بالبراهين والأمثال.
وتم للرافعي موضوعه، فأملى علي في اليوم التالي مقالة «استنوق الجمل!»
في هذه المقالة يجد القراء سببا آخر لانصراف الشباب عن الزواج غير ما قدم «س، أ، ع» في المقالة السابقة، فهي الحلقة الثانية من هذه السلسلة ...
وأحس الرافعي بالتعب، فانصرف عن الكتابة أسبوعا ليستجم، ولم من هنا ومن هناك طائفة من منثور القول فأرسله إلى الرسالة بعنوان «كلمة وكليمة»، وهي عبارات قصيرة من جوامع الكلم، ليس بينها رابطة في الفكر ولا في الموضوع، وكل كلمة منها موضوع بتمامه.
وقد قدمت القول عن هذه الكلمات القصار التي كان الرافعي ينشرها بعنوان «كلمة وكليمة»، فحسبي هنا أن أشير إلى موضوع هذه الكليمات ودوافعها.
في هذه الكلمات التي نشرها بالعدد 65 سنة 1934 كلمات عن المرأة والحب.
وهذه من فضلات المعاني التي اجتمعت له في مقالات المرأة والزواج ولم يجد لها موضعا مما كتب ... وفي هذه الكلمات رسائل إلى «فلانة» من تلك الرسائل التي قدمت الإشارة إليها عند الحديث عن حب الرافعي، وفيها كلمات عن السياسة المصرية يعرف دوافعها من يذكر الحالة السياسية التي كانت في مصر لذلك العهد، وحكومة صدقي تحتضر ...
فمن هذه العناصر الثلاثة اجتمع له هذا القدر من «كلمة وكليمة». •••
Unknown page