والأرض جسم كثيف له ظل وظلها أبدا يكون مقابلا لموضع الشمس وشكل هذا الظل أيضا شكل مخروط وذلك أن قطر الشمس أعظم من قطر الأرض والشعاعات التي تخرج من محيط جرم الشمس الى محيط جرم الأرض تلتقي بشكل مخروط يكون سطح الشعاع محيطا به ويكون السطح المخروط من لدن جرم الأرض إلى نقطة الالتقاء ظلأ متصلا مظلما لا ضوء فيه لأن جرم الأرض قد ستر ضوء الشمس عنه وهذا الظل هو الذي يسمي الليل. وهذا المخروط يتجاوز فلك القمر فإذا صار جرم الشمس وجرم الأرض وجرم القمر على خط واحد مستقيم وكانت الأرض متوسطة بينهما صار جرم القمر في مخروط الظل لما قدمنا أن الظل أبدا مقابل لجرم الشمس وهو يتجاوز فلك القمر فإذا صار في مخروط الظل صارت الأرض حاجزة بينه وبين الشمس فتمنعه عن قبول النور ويعود إلى جوهره فيرى حينئذ مظلما لا ضوء له.
وإذا كانت الأجرام الثلاثة على حقيقة الخط المستقيم فإن القمر يكون في وسط ذلك المخروط وإن كان القمر قريبا من ذلك الخط الذي عليه الجرمان الباقيان فإنه يكون في جانب ذلك المخروط وعلى حسب قربه من ذلك الخط يكون مقدار ما يظلم منه ومقدار مكثه. فإذا كان جميع القمر في مخروط الظل صار جميعه مظلما وقيل قد انكسف جميعه فإن كان بعضه في داخل المخروط وبعضه خارجا عنه كان بعضه مظلما وبعضه مستنيرا وقيل قد انكسف بعضه. فإذا انكسف جميعه وكان مارا بوسط المخروط طال مكثه وإن كان مارا في جانب المخروط قل مكثه لأن خروجه منه يكون أسرع.
Page 45