وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الشَّعْرَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ، قُلْتُ: وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى مَا اخْتَرْتُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني قَالَ: «رَأَيْتُ عَلَى ابن أبي وعلة السبائي فَرْوًا فَمَسِسْتُهُ، فَقَالَ: مَا لَكَ تَمَسُّهُ؟ قَدْ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ: أَنَّا نَكُونُ بِالْمَغْرِبِ وَمَعَنَا الْبَرْبَرُ وَالْمَجُوسُ نُؤْتَى بِالْكَبْشِ قَدْ ذَبَحُوهُ، وَنَحْنُ لَا نَأْكُلُ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَأْتُونَ بِالسِّقَاءِ يَجْعَلُونَ فِيهِ الْوَدَكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: دِبَاغُهُ طَهُورُهُ» .
وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَخِيهِ عبد الجبار بن مسلم عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنَّمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْمَيْتَةِ لَحْمَهَا، فَأَمَّا الْجِلْدُ وَالشَّعْرُ وَالصُّوفُ، فَلَا بَأْسَ بِهِ»، وَرِجَالُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ إِلَّا عبد الجبار، فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ.
وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُخْتَصَرًا بِلَفْظِ: «إِنَّمَا حَرُمَ مِنَ الْمَيْتَةِ لَحْمُهَا» . دُونَ بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ عبد الجبار، بَلْ تُوبِعَ، فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ شبابة عَنْ أبي بكر الهذلي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عبيد الله بن عبد الله عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ مِنَ الْمَيْتَةِ مَا يُؤْكَلُ مِنْهَا، وَهُوَ اللَّحْمُ، فَأَمَّا الْجِلْدُ، وَالشَّعْرُ، وَالصُّوفُ، فَهُوَ حَلَالٌ» .
وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ زافر بن سليمان عَنْ أبي بكر الهذلي بِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ زافر بن سليمان عَنْ أبي بكر الهذلي أَنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَهُمْ عَنْ عبيد الله بن عبد الله «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَيْتَةِ حَلَالٌ إِلَّا مَا أُكِلَ مِنْهَا»، فَأَمَّا الْجِلْدُ وَالْفَرْوُ وَالشَّعْرُ وَالصُّوفُ فَكُلُّ هَذَا حَلَالٌ ; لِأَنَّهُ لَا يُذَكَّى، وَلَهُ شَاهِدٌ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يوسف بن السعد عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: «سَمِعْتُ أم سلمة تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِمَسْكِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَ، وَلَا بِصُوفِهَا وَشَعْرِهَا إِذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ» .
وَلَهُ شَاهِدٌ ثَانٍ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عبد الله بن قيس البصري أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِنَّمَا حَرُمَ مِنَ الْمَيْتَةِ لَحْمُهَا وَدَمُهَا.
وَشَاهِدٌ ثَالِثٌ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أبي وائل عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْفِرَاءِ: ذَكَاتُهُ دِبَاغُهُ، وَشَاهِدٌ رَابِعٌ أَخْرَجَهُ أحمد، وَالْبَيْهَقِيُّ «مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي
1 / 20