64

Hawa Jadida

حواء الجديدة

Genres

بقيت وحدي بعد ذلك نحو ساعة أفكر فيك وفي خطيبتك، وأشعر بارتياح إلى تعهدي لها أن أردك إليها، صممت أخيرا على ذلك وأنا لا أجهل صعوبته، بل أتوقع أن أعاني فيه أعظم عناء، ولكن نفسي الكبيرة كانت تشدد قلبي لاحتمال ذلك العناء.

في ذلك المساء وصلني كتابك من الإسكندرية، ورددت لك جوابه بسيطا، ولما انتقلت إلى المنزل الجديد تركت لك الرسالة المختصرة التي رجوت منك فيها الابتعاد عني لأنه خير لك، ولقد لقيت منك بعد ذلك كل ما توقعته من غيرتك ومكايدتك لي، فكنت أتحمله بالصبر آملة أن تصل إلى الغاية التي كنت أبعدك عني إليها، ولكني أتأسف لتعلقك بميراي، وأخاف أن تضلك عن صوابك، إني صابرة إلى النهاية؛ لأني أقسمت لماري خطيبتك أن أتركك بالرغم مني.

الفصل السادس عشر

ثقل الجسد على الروح

22 أبريل

كنت أكثر هذا الأسبوع في السرير أشعر بشوق شديد إلى عشرتك، أرى المنزل مظلما لبعادك والساعات طويلة جدا، فأتوقع كل يوم قدومك، ليتك تأتي ولو لأجل مكايدتي، أخاف أن تكون قد سلوتني وشغلت بميراي، نعم إني قصدت من مجافاتك أن تسلوني، ولكني أجزع إذ أفتكر أنك سلوتني، ليس لي يا موريس تعزية سواك، فما أشد ظلمة الحياة وأنت بعيد عني!

كنت قد أخبرت فانتين عن تعهدي لخطيبتك أن أتركك لها وأجفوك، وحرضتها أن تكتم الخبر عنك، أتظاهر أمامها أني سلوتك، ولكني أشعر أن هذا التظاهر صلف وسخافة وكدت أندم عليه؛ لأنه حرمني التحدث عنك، تتجنب فانتين محادثتي عنك لظنها أنها تسوءني، وهي لا تدري أن تجنبها هذا يكاد يجنني، وأنا لا أزال متشبثة بكبريائي وآنف أن أبادئها بكلمة عنك.

اليوم صحتي أحسن وفي نيتي أن أتنزه غدا في الجيزة على أمل أن أصادفك هناك، ليتني أعرف أين تكون غدا مساء فأذهب.

30 أبريل

مضى كل هذا الأسبوع وأنا في صحة حسنة، ولكن الهزال واضح في، قل زائري لأنهم لم يعودوا يلتذون بعشرتي، أخذت فانتين تقتصد في نفقاتنا خوفا من الفاقة، خرجت مرارا إلى المتنزهات فلم أرك ولا مرة، ألعلك سلوتني؟ لا أدري إن كانت ميراي تشغلك أو أنك عدت إلى خطيبتك، إن خطيبتك جميلة ولطيفة وحساسة يا موريس، أحببتها، فعد إليها ولو إكراما لي، ليتني أعيش إلى أن تتزوجا، لا أظنها تستنكف استقبالي حينئذ.

Unknown page