فوجوه اللفظ شتى
والمعاذير فنون
وطار الطرب بالقوم بعد أن طار الشراب برءوسهم. ووقف «الزرافة» الممخوق
9
على كرسي فمد رقبته الطويلة، وصاح كما يؤذن الديك ثم قال: يا أدباء قرطبة؛ ويا شعراء قرطبة؛ إذا كنتم سمعتم قول أبي نواس:
فاسقني حتى تراني
أحسب الديك حمارا
فاملئوا عيونكم مني جميعا وتبينوا في وجهي: أكان أبو نواس صادقا؟ ثم نهق حتى لم يشك من يسمعه من بعيد أنه يسمع حمارا، ووثب وهو يصيح: لقد كان اللئيم صادقا فاشربوا واطربوا!!
وجاء دور الراقصات الأسبانيات فبهرن العقول بفنهن ورنين صنوجهن، وانقضى الليل في مرح وبهجة، حتى كاد يبدو عمود الصباح، فأخذ القوم في الانصراف آسفين على ساعات حلوة اختطفوها من يد الزمان.
وعندما هم ابن زيدون بشكر نائلة وتوديعها همس في أذنها قائلا: إني أخشى عاقبة الرسالة التي بعثت بها إلى عائشة يا خالتي، فخلصيني بالله منها، فإنها المعول الذي سيهدم كل ما بنيت. فأجابته باسمة: طب نفسا أبا الوليد فسوف أزورها، وسوف أستل ذنابي العقرب فلا تعود لها صولة.
Unknown page