Hathth Cala Talab Cilm
الحث على طلب العلم
Investigator
د. مروان قباني
Publisher
المكتب الإسلامي - بيروت
Edition Number
الأولى، 1406هـ -1986م
بسم الله الرحمن الرحيم
(كتب الشيخ أبو هلال الحسن بن عبد الله)
بن سهل الأديب إلى بعض أصحابه:
أيدك الله وأيد أهل الفضل بك، وقاك المكروه، ووقاهم إياه فيك وأصلح بك ولك وخولك وخول منك، وألهمك الاجتهاد فيما يزيدك عند العقلاء قيمة، ويمنحك مزية يقصر عنها من يساميك، ويقع دونها من ينافسك ويناوئك.
والاجتهاد فيما يكسب العز ويزيد في النباهة والقدر، راحة العاقل، والتواني عنه عادة الجاهل.
وقلت في نحو ذلك: // من البسيط //.
(وساهر الليل في الحاجات نائمه ... وواهب المال عند المجد كاسبه)
وقلت في نحو ذلك: // من الكامل //.
Page 41
(وليغد في تعب يرح في راحة ... إن الأمور مريحها كالمتعب)
وقلت: // من الطويل //.
(ألا يذم الدهر من كان عاجزا ... ولا يعذل الأقدار من كان وانيا)
(فمن لم تبلغه المعالي نفسه ... فغير جدير أن ينال المعاليا)
ومثل العلو في المكارم مثل الصعود في الثنايا والقلل، ولا يكون إلا بشق النفس. ومن ظن أنه ينعم في قصد الذرى والتوقل في الغرفات العلى فقد ظل باطلا وتوهم محالا.
ورتبة الأديب من أعلى الرتب، ودرجة العلم أشرف الدرج، فمن أراد مداولتها بالدعة وطلب البلوغ إليها بالراحة كان مخدوعا، وقال الجاحظ:
العلم عزيز الجانب، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وأنت إذا أعطيته كلك كنت من إعطائه إياك البعض على خطر.
Page 42
وقد صدق، فكم من راغب مجتهد في طلبه لا يحظى منه بطائل على طول تعبه ومواصلة دأبه ونصبه، وذلك إذا نقص ذكاؤه وكل ذهنه ونبتت قريحته.
والفهم إنما يكون مع اعتدال آلته، فإذا عدم الاعتدال لم يكن قبول، كالطينة إذا كانت يابسة أو منحلة لم تقبل الختم، وإنما تقبله في حال اعتدالها، وإذا أكدى الطالب مع الاجتهاد، فكيف يكون مع الهوينا والفتور.
فإذا كنت أيها الأخ ترغب في سمو القدر ونباهة الذكر وارتفاع المنزلة بين الخلق، وتلتمس عزا لا تثلمه الليالي والأيام ولا تتحيفه الدهور والأعوام، وهيبة بغير سلطان، وغنى بلا مال، ومنعة بغير سلاح، وعلاء من غير عشيرة، وأعوانا بغير أجر، وجندا بلا ديوان وفرض، فعليك بالعلم، فاطلبه في مظانه، تأتك المنافع عفوا، وتلق ما يعتمد منها صفوا، واجتهد في تحصيله ليالي قلائل، ثم تذوق حلاوة الكرامة مدة عمرك، وتمتع بلذة الشرف فيه بقية أيامك، واستبق لنفسك الذكر به بعد وفاتك.
ولأمر ما اجتهد فيه طائفة العقلاء، وتنافس عليه الحكماء، وتحاسد فيه
Page 43
الفضلاء، ولا يصلح الحسد والملق في شيء غيره، كما أخبرنا الشيخ أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد عن عبد الله بن عبد الملك بن هارون، عن بشر بن عبيد، عن وهب بن وهب، عن عبد الواحد بن ميمون، عن ابن عباس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصلح الحسد والملق إلا في طلب العلم.
Page 44
ثم قال أبو تمام // من البسيط //:
(فاعذر حسودك فيما قد خصصت به ... إن العلى حسن في مثلها الحسد)
وقال أيضا // من الطويل //:
(وما أنا بالغيران من دون جارتي ... إذا أنا لم أصبح غيروا على علمي)
(لصيق فؤادي مد ثلاثون حجة ... وصيقل ذهني والمروح عن فهمي)
قال الشيخ أبو هلال: ومثله ما قلته: // من الرجز //.
(لا أحسد المرء على درهمه ... وإنما أحسده على الأدب)
(ولست بالغيران دون جارتي ... إن لم أكن غيران من دون الحسب)
وإذا تدبرت قول أمير المؤمنين علي عليه السلام: قيمة كل امرئ
Page 45
ما يحسنه، كنت حقيقا بالاجتهاد في طلب العلم أوان قدرتك عليه، غير معذور في التواني عنه، والتقصير فيه، لأن العاقل لا يعتمد تخسيس قيمته، ولا يغفل عما يرفع من قدره.
وأخذ أبو الحسن العلوي كلام علي عليه السلام فقال: // من الطويل // (فيا لائمي دعني أغالي بقيمتي ... فقيمة كل الناس ما يحسنون)
وقلت في هذا المعنى // من السريع //:
(ما مر بي يوم ولا ليلة ... دون ثناء حسن أغنمه)
(وليس لي في ليلتي رقدة ... من دون علم نافع أحكمه)
(أزيد في علمي وفي قيمتي ... وقيمة الإنسان ما يعلمه)
Page 46
ومثل ما حكيناه عن الجاحظ، قول بعض الحكماء:
يجب للمتعلم أن يعرف فضل ما بين طلب العلم للمناسبة والشهوة ، وبين طلبه للرغبة، وأن يعلم أن العلم لا يجود بمكنونه، ولا يسمح بسره ومخزونه، إلا لمن رغب فيه لكرم عنصره، وفضل جوهره، ورفعة عن التكسب، وصانه عن الشباك وانتفع به، وأنه لا يعطيه خالص فائدته حتى يعطيه خالص محبته.
فقد قالوا: ما شاب من شيب له.
وقد قيل: لا ينال العلم براحة الجسم
قال الشيخ // من السريع //:
(أبيت بالليل غريب الكرى ... يأخذ مني الدرس والكتب)
(وقيم الحكمة في أنملي ... يصوغ ما يسبكه اللب)
(أنف ضميري حين أرعفته ... أفرغ ما استوعبه القلب)
(لسان كفي حين أنطقته ... أرضاك فيه المنطق العذب)
(منحل في خلقه دابل ... معظم في فعله ندب)
(ولم يكن بالغضب في خلقه ... لكنه في صنعه غضب)
(ينكسه المرء فبعلو به ... ورب نكس غبه نصب)
(ومذ غرفنا لذة لعلم لا ... يعجبنا الخلو ولا العذب)
وقال بعض الأوائل:
لا يتم العلم إلا بستة أشياء: ذهن ثاقب، وزمان طويل، وكفاية، وعمل
Page 47
كثير ومعلم حاذق، وشهوة، وكلما نقص من هذه الستة شيء، نقص بمقداره من العلم.
قال الشيخ أبو أحمد:
لم يذكر الطبيعة، وهي غير الذهن الثاقب، ألا ترى أن الشاعر قد يكون ذهنا، ولا يكون مطبوعا، ويكون أعقل من صاحبه، وله مثل عنايته، ويكون صاحبه أشعر منه، لأن الطبيعة تعين العقل وتفسح له.
وقد حكي عن النظام أنه قال:
لو نظرت في العروض لأحكمته في يومين.
قال الأخفش:
فنظر فيه فلم يعرف المتحرك من الساكن في شهرين. والطبيعة تسهل الطرق وتقرب البعيد.
وذكر الشهوة لأن النفس إذا اشتهت الشيء، كانت أسمح في طلبه، وأنشط لاتماسه، وهي عند الشهوة أقبل للمعاني، وإذا كانت كذلك لم تدخر من قواها، ولم تحبس من مكنونها شيئا، وآثرت كد النظر على راحة الترك، ولذلك قيل: يجب على طالب العلم أن يبدأ فيه بالمهم، وأن يختار من صنوفه ما هو أنشط
Page 48
له، وطبعه به أغنى، فإن القبول على قدر النشاط، والبلوغ على قدر العناية.
وذكر الكفاية لأن التكسب وتعذر المعاش مقطعة، والرغبة إلى الرجال مذلة، والحاجة تميت النفس وتفسد الحس.
وذكر المعلم الحاذق لأنه ربما أخذ المتعلم سوء عبارة المعلم، وذلك إذا لم يكن حاذقا بطرق التعليم، عالما بتقديم المبادئ، وإذا كان كذلك لم يحل المتعلم منه بطائل، لأن المقدم إذا أخر والمؤخر إذا قدم، بطل نظام التعليم، وضلت مقدمات الأمور، فأدى المتعلم ذلك، وإن اجتهد إلى البعد والتأخر، وعلى قدر الأساس يكون البناء.
وذكر (ثقوب الذهن) لأنه علة القبول وسبب الفهم، والبلادة تنافي ذلك الفهم والقبول، والبليد لا ينفعه طول التعليم، كالصخر لا ينبت فيه بدوام المطر.
وذكر (كثرة العمل) لكثرة العلم، وكثرة العوائق والموانع، وقصر العمر، فمن لا يدأب في الطلب، ويكثر من الالتماس في وقت الفراغ، وقوة الشباب، قطعته القواطع بعد قليل، فيبقى صفرا وعاريا عطلا.
قال الشيخ أبو هلال:
فإذا كان العلم مؤنسا في الوحدة، ووطنا في الغربة، وشرفا للوضيع، وقوة للضعيف، ويسارا للمقتر، ونباهة للمغمور حتى يلحقه بالمشهور المذكور، كان من حقه أن يؤثر على أنفس الأعلاق، ويقدم على أكرم العقد، ومن حق من يعرفه حق معرفته أن يجتهد في التماسه ليفوز بفضيلته.
فإن من كانت هذه خصاله، كان التقصير في طلبه قصورا، والتفريط في تحصيله لا يكون إلا بعدم التوفيق، ومن أقصر عنه أو قصر دونه، فليأذن بخسران الصفقة، وليقر بقصور الهمة، وليعترف بنقصان المعرفة، وليعلم أنه غبن الحظ
Page 49
الأوفر، وخدع عن النصيب الأجزل، وباع الأرفع بالأدون، ورضي بالأخس عوضا عن الأنفس، وذلك هو الضلال البعيد.
وأخبرنا الشيخ أبو أحمد: عن محمد بن إسماعيل العطار، عن أحمد بن محمد بن أنس المطوعي عن صالح المري، عن مالك بن دينار قال: قرأت في بعض كتب الله: أن الحكمة تزيد الشريف شرفا، وترفع المملوك حتى تجلسه مجالس الملوك. ومثل ذلك قول الحسن رحمه الله: يرحم الله لقمان، لقد كان
Page 50
عبدا حبشيا، فجعل الله كلامه قرآنا
وحدثنا الشيخ أبو أحمد، حدثنا محمد بن الحسن الزعفراني، حدثنا ابن أبي خيثمة، سمعت يحيى بن معين يقول: بلغني أن الأعمش قال: أنا ممن رفعه الله تعالى بالقرآن، لكان على رقبتي دن صحناء أبيعه.
وقال مرة اخرى: رأيت الأعمش لبس فروا مقلوبا وبتا، ثم قال: لولا أني تعلمت العلم لكنت بقالا يقذرني الناس أن يشتروا مني.
ومثل ذلك: أن الرياشي رأى سقاء على رقبته قربة، فقال: لولا العلم
Page 51
لكذت مثل هذا.
وكان أبوه عبدا سقاء.
وكان عطاء بن أبي رباح أسود ممزوجا، وكان إذا جئناه نهاب أن نسأله حتى يمس عارضيه، أو يتنحنح، فكان ذلك إذنه في السؤال فكان ندنو منه حينئذ ونسأله.
وكان مجاهد من سودان مكة مولى لابن عباس. قال مجاهد: كان ابن عمر يأخذ لي بالركاب، ويسوي على ثيابي إذا ركبت.
وحدثنا قال: حدثنا بن أحمد بن محمد بن الفضل، حدثنا المبرد، عن الياشي
Page 52
عن أبي عبيدة قال: قال أبو الأسود: ليس شيء أعز من العلم، وذلك أن الملوك حكام على الناس، والعلماء حكام على الملوك.
قال الشيخ أبو هلال:
ولعمري أن شيئا ينزل المملوك منزلة الملوك، ويحل التابع محل المتبوع، ويحكم به السوقة على الملك العظيم، لحقيق أن ينافس فيه، ويحسد صاحبه عليه، ويجتهد في طلبه أشد الاجتهاد، وأمرا يخدم فيه عبد الله بن عمر مجاهدا، ومجاهد هو ابن جبر، أحد مماليك مكة، وعبد الله عبد الله في فضله وزهده وورعه وشهرة اسمه، أبوه في شرفه ومكانه من الصحية، ثم من رتبة الخلافة، وملكه الأرض شرفا وغربا، وطاعة أهل الإسلام والكفر له طوعا
Page 53
وكرها، لحرى أن يرغب فيه العاقل ويحافظ عليه اللبيب.
وشيبة بفعل ابن عمر، ما روي أن عدي بن أرطأة، وهو أمير المدينة، قال لوكيع بن أبي سود: سو علي ثيابي
فقال وكيع: أيها الأمير ذكرتني ضيق خفي.
فضحك عدي وقال: إن الأخ يلي من أخيه ما هو أكبر من هذا.
فقال وكيع: إذا عزلت فكلفنا ما شئت
وكان وكيع مع ذلك يأخذ بركاب الحسن إذا أراد الركوب.
قال الشيخ أبو هلال: ولفضل العلم ذلت في التماسه الأعزاء، وتواضع الكبراء، وخضع لأهله ذوو الأحلام الراجحة، والنفوس الأبية، والعقول السليمة، واحتملوا فيه الأذى، وصبروا على المكروه. ومن طلب النفيس خاطر بالنفيس، وصبر على الخسيس.
ومثال ذلك: ما أخبرنا به الشيخ أبو أحمد، حدثنا أبو بكر السراح النحوي
Page 54
قال: قال لنا إبراهيم بن البحتري: قال لنا عمر بن شبة: كنا نكون عند الأصمعي فيجيء أصحابنا: الرياشي، والزيادي، والمازني، والجرمي، والسدري، والسجستاني، والخلق، فيجلس في
Page 55
دهليز وفي الدهليز تراب، قدر عظيم الذراع، فتسفي الريح علينا التراب، فيدخل في رؤوسنا.
فقال لنا يوما وقد رأى ما نحن فيه:
كان يقال: إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض، أن الرياح تجلب ترابا من أرض غريبة إلى أرض أخرى. قال الأصمعي: فشعوركم الآن تزكو بهذا التراب.
فقال الرياشي: انظروا إلى ابن الفاعلة ما يصنع بنا، وكيف يستخف بنا ويسخر منا.
قال أبو هلال: سميت الرياح: المؤتفكات، لأنها لا تتماسك، وأصل هذه الكلمة: عدم التماسك. وسمي الكذب إفكا، إذ كان يدل على نفسه بالفساد والبطلان، كأنه لا يتماسك.
وأخبرنا الشيخ أبو أحمد، أخبرنا أبو بكر بن دريد، أخبرنا عبد الرحمن
Page 56
قال: سمعت عمي يحدث قال: سهرت ليلة من الليالي بالبادية، وأنا نازل على رجل من أهل القصيم، وكان واسع الرحل، كريم المحل، فأصبحت وقد عزمت على الرجوع إلى العراق، فأتيت أبا مثواي، فقلت: إني هلعت من طول الغربة، واشتقت أهلي، ولم أفد في قدمتي هذه إليكم كبير علم، وإنما كنت أغتفر وحشة الغربة وجفاء البادية للفائدة.
فأظهر توجعا. ثم أبرز غذاء، فتغذيت معه، ثم أمر بناقة له مهرية، كأنها سبيكة لجين فارتحلها، ثم ركب وأردفني وأقبلها مطلع الشمس، فما سرنا كبير مسير حتى لقينا شيخ على حمار، فسلم عليه وقال: يا بن عم أتنشد أم تقول فقال: كلا.
Page 57
قال: فأناخ، وقال: خذ بيد عمك فأنزله عن حماره، ففعلت.
فقال: أنشدنا، رحمك الله، وتصدق على هذا الغريب بأبيات يعيهن عنك، ويذكرك بهن. فقال إيها ... الله أكبر، وأنشد: // من الطويل //.
(لقد طال يا سواد منك المواعد ... ودون الجدي المأمول منك الفراقد)
(تمنيننا غدوا وغيمكم غدا ... ضباب، فلا صحو ولا هو جائد)
(إذا أنت أعطيت الغنى ثم لم تجد ... بفضل الغنى ألفيت مالك حامد)
(وقل غناء عنك مال جمعته ... إذا صار ميراثا وواراك لأحد)
(إذا أنت لم تعرك بجنبك بعض ما ... يريب من الأدنى رماك الأباعد)
(إذا أنت لم تترك طعاما تحبه ... ولا مجلسا تدعي إليه الولائد)
(تجللت عارا لا يزال يشينه ... سباب الرجال نثرهم والقصائد) .
وأنشدني أيضا: // من الطويل //.
(تعز فإن الصبر بالحر أجمل ... وليس على ريب الزمان معول)
(فإن تكن الأيام فينا تبدلت ... ببؤسى ونعمى والحوادث تفعل)
(فما لينت منا قناة صليبة ... ولا ذللتنا للتي ليس يجمل)
(ولكن رحلناها نفوسا كريمة ... تحمل ما لا تستطيع فتحمل)
(وقينا بعزم الصبر منا نفوسنا ... فصمت لنا الأعراض والناس هزل)
قال الأصمعي: فقمت، والله، وقد أنسيت أهلي، وهان علي طول الغربة، وشظف العيش،
Page 58
سرورا بما سمعت. ثم قال:
يا بني من لم يكن إستفادة الأدب أحب إليه من الأهل والمال لم ينجب.
قال الشيخ: شظف العيش: شدته وخشونته.
قلنا: ومن عرف العلم وفضله، لم يقض نهمته منه، ولم يشبع من جمعه طول عمره، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبرنا به الشيخ أبو أحمد، عن ابن منيع، عن أبي خيثمة، عن جرير، عن الليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال النبي: منهومان لا يقضي واحد منهما نهمته: منهوم في طلب العلم، ومنهوم في طلب الدنيا.
وقيل: يا رسول الله من أجوع الناس قال: طالب العلم، قيل: فمن أشبعهم قال: الذي لا يبتغيه.
وقال سعيد بن جبير: لا يزال الرجل عالما ما تعلم، فإذا ترك كان أجهل ما
Page 59
يكون.
قال الشيخ أبو هلال: ونحو هذا ما قلته: // من الطويل //
(أحقر نفسي وهي نفس جليلة ... تكتفها من جانبيها الفضائل)
(أحاول أن تزيد فترتقي ... إلى حيث لا يسمو إليه المحاول)
(وإن أنت لم تبغ الزيادة في العلى ... فأنت على النقصان منهن حاصل)
وقيل لابن المبارك: إلى كم تكتب الحديث فقال: لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أسمعها بعد.
وقال سفيان: من ترأس سريعا أضر بكثير من العلم، ومن لم يترأس طلب وطلب حتى بلغ.
Page 60