Hashiyat Tartib
حاشية الترتيب لأبي ستة
قوله: »فأبردوا« قال ابن حجر: "بقطع الهمزة وكسر الراء أي أخروا إلى أن يبرد الوقت، يقال: أبرد إذا دخل في البرد كأظهر إذا دخل في الظهيرة، ومثله في المكان أنجد إذا دخل نجدا، وأتهم إذا دخل تهامة، والأمر بالإبراد أمر استحباب، وقيل: أمر إرشاد، وقيل: بل هو للوجوب حكاه عياض وغيره، إلى أن قال: وخصه بعضهم بالجماعة فأما المنفرد فالتعجيل في حقه أفضل، وهذا قول أكثر المالكية والشافعية لكن خصه أيضا بالبلد الحار، وقيل: إن الجماعة فيما إذا كانوا يأتون مسجدا من بعد، فلو كانوا مجتمعين أو كانوا يمشون في كن فالأفضل في حقهم التعجيل، إلى أن قال: وذهب بعضهم إلى أن تعجيل الظهر أفضل مطلقا، وقال: معنى "أبردوا" صلوا في أول الوقت، أخذ من برد النهار وهو أوله، وهو تأويل بعيد ويرده قوله: "فإن شدة الحر من فيح جهنم" إذ التعليل بذلك يدل على أن المطلوب التأخير، ثم قال: وتمسكوا أيضا بالأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت وبأن الصلاة حينئذ أكثر مشقة فتكون أفضل، إلى أن قال: وجمع بعضهم بين الحديثين بأن الإبراد رخصة والتعجيل أفضل، وهو قول من قال: إنه أمر إرشاد، وعكسه بعضهم فقال: الإبراد أفضل، إلى أن قال: والجواب عن أحاديث أول الوقت أنها عامة أو مطلقة، والأمر بالإبراد خاص، ولا التفات إلى من قال: "التعجيل أكثر مشقة فيكون أفضل" لأن الأفضلية لم تنحصر في الأشق بل قد يكون الأخف أفضل كما في قصر الصلاة في السفر" انتهى.
Page 177