Ḥāshiyat al-Irshād – Muqaddima
حاشية الإرشاد ـ مقدمة
Genres
وفيها قتل محمد بن مكي وعرفة كبيرا الرافضة بدمشق وطرابلس، حين تجاهرا بالمعاصي والعناد، وتظاهرا بالزندقة في مخالفة الله ورسوله وموافقة المردة من العباد، ونأيا عن الحق في استماع الأمر، ورأيا رأي النصيرية (1) في تحليل الخمر، وقالا بتعظيمها كالمجوس وأهل الفجور، واعتقدا معتقدهم في أنها من النور، وخرجا بما عندهما من الرفض، ونصبا أنفسهما اللعينة لرفع مقالة أولي الخفض، ودعوا إلى إجابة دعوة نصير والركون إليها، وتغاليها في محبة ابن ملجم [!؟] وجمع قلوب غير الناس [كذا، ولعل الصواب: غيرهما من الناس] عليها، وتماديا في الضلال والإضلال، وناديا على نفوسهما بقبح الخلال والإخلال، ولا برحا كذلك إلى أن وصل كل منهما أسباب غيه بأسباب حتفه، وكان كما قيل: «كالباحث عن حتفه بظلفه» (2). وكان قتل محمد بن مكي المذكور تحت قلعة دمشق، وقتل عرفة بطرابلس، عليهما من الله ما يستحقانه (3).
وقال شمس الدين الجزري (م 833) في ترجمة الشهيد:
محمد بن مكي بن محمد بن حامد أبو عبد الله الجزيني الشافعي. كذا كتب بخطه لي في استدعاء، ولكنه شيخ الشيعة والمجتهد في مذهبهم. ولد بعد العشرين وسبعمائة، ورحل إلى العراق، وأخذ عن ابن المطهر وغيره، وقرأ القراءات على أصحاب ابن مؤمن، وذكر لي ابن اللبان أنه قرأ عليه. وهو إمام في الفقه والنحو والقراءة، صحبني مدة مديدة فلم أسمع منه ما يخالف السنة، ولكن قامت عليه البينة بآرائه، فعقد له مجلس بدمشق، واضطر فاعترف ليحكم بإسلامه الشافعي، فما حكم وجعل أمره إلى المالكي، فحكم بإراقة دمه، فضربت عنقه تحت القلعة بدمشق. وكنت إذا ذاك بمصر. وأمره إلى الله تعالى (4).
Page 246