Hashiyat Ibn Hajar Al-Haytami on Al-Idah in Hajj Rituals
حاشية ابن حجر الهيتمي على الإيضاح في مناسك الحج
Publisher
المكتبة السلفية ودار الحديث
Publisher Location
بيروت
Genres
هَدانَاَ للْإِسلَامِ وَأَسْبَغَ عَلَيْنَا جَزِيلَ نِعَمِهِ وَأَلْطَافِه الْجسْامِ وَكَرَمَ الْآدَمِينَ وَفَضَّلَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَنَامِ
شرح الإرشاد (قوله ذي الجلال الخ) الجلال العظمة المستلزمة للاتصاف بكل صفة من صفات الكمال ومنها التنزه عن كل سمة من سمات النقص، والإكرام التفضل على عباده، والفضل الإنعام وتفسيره بالنعمة حيث قيل هو ما أنعم الله به على عباده تفسير باعتبار أثره، والطول السعة في تفضله وإنعامه وغيرهما، والمنن جمع منة وهي النعمة الثقيلة فقوله العظام صفة كاشفة ويصح أن تكون مؤسسة (قوله هدانا) أي دلنا أو أوصلنا إذ الهداية تستعمل في كل منهما (قوله وأسبغ علينا جزيل نعمه) هو من إضافة الصفة للموصوف أي نعمه الجزيلة العظيمة المشبهة في انغمارنا فيها حتى صارت لنا كالظرف بالثوب السابع على لابسه فتشبيه النعم بالثوب استعارة بالكناية وإثبات الإسباغ لها استعارة ترشيحية إذ هي أن يقرن المشبه بما يلائم المشبه به وقد ترشح أيضاً الاستعارة التحقيقية بما يلائم المشبه به كما في قوله تعالى أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم فإنه شبه فيه الاستبدال بالاشتراء ثم قرن بما يلائمه من الربح والتجارة ونظيره قولك جاوزت بحراً زاخراً تتلاطم أمواجه وآثر رضى الله عنه ما ذكر لأن الترشيح أبلغ من الإطلاق وهو أن لا يذكر ما يلائمهما والتجريد وهو أن يذكر ما يلايم المشبه ومن جمع التجريد معه لاشتماله على تحقيق المبالغة في التشبيه لأن في الاستعارة مبالغة في التشبيه فترشيحها وتزينها بما يلامه تحقيق وتقوية لذلك وقد يجتمع الترشيح مع التجريد كما في قوله:
لدى أسد شاكي السلاح مقذف له لبد أظفاره لم تقلم
(قوله وألطافه) جمع لطف وهو ما يقع به صلاح العبد آخرة، والتوفيق خلق قدرة الطاعة في العبد أو إرادة تسهيل سبيل الخير أو الوقوع فيه بلا استعداد وعلى كل فهما متحدان في الماصدق مختلفان في المفهوم هذا في اصطلاح محتفى العلوم العقلية وأما في اللغة فهما متحدان في المفهوم والماصدق (قوله الجسام) جمع جسيم أي عظيم وفيه من التشبيه والاستعارة ما لا يخفى على من تدبر نحو ما مر (قوله من الأنام) هو الخلق أو الجن والإنس أو جميع ما على وجه الأرض أقوال أشهرها الأول وعليه فكلامه شاملا للملائكة لكن التحقيق الذي عليه أكثر أهل السنة أن في تفضيل الآدميين عليهم تفصيلا وهو أن خواصنا وهم الأنبياء لا غير أفضل من خواصهم وعوامهم، وأن خواصهم كجبريل أفضل من عوامنا كأبي بكر رضى الله عنه وكرم وجهه. وأن عوامنا أفضل من عوامهم فعلم أن المراد بالعوام منا الصلحاء ومقتضى قول ابن يونس من أصحابنا وقال الأكثرون منا إن المؤمن الطائع أفضل منهم وأن المراد بهم المطيعون ويمكن أن يجمع بينهما
4