Ḥāshiyat Ibn Ḥajar al-Haytamī ʿalā al-Īḍāḥ fī manāsik al-ḥajj
حاشية ابن حجر الهيتمي على الإيضاح في مناسك الحج
Publisher
المكتبة السلفية ودار الحديث
Publisher Location
بيروت
Genres
(السَّادِسَةُ) يُستَحَبُّ أنْ يَسْتَكْثِرَ منَ الزّادِ والنَّفَقَةِ لِيُوَاسِيَ مِنْهُ الْمُحْتَاجِينَ وَلْيَكُنْ زَادُهُ طَيِّبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ)) وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّبِ هُنَا الْجَيِّدُ وَبِالْخَبِيثِ الرَّدِيءُ، وَيَكُونَ طَيِّبَ النَّفْسِ بِمَا يُنْفِقُهُ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى القَبُولِ.
(السَّابِعَةُ) يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ الْمُحَاكَّةَ فِيمَا يَشْتَرِيهِ لِأَسْبَابِ حَجِّهِ وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى كَذَا قَالَهُ الإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ الْعَابِدُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
فِي أَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ بَرِّهِ عَدَمُ قَبُولِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لاخْتِلافِ ثَمَرَتَيْهِمَا إِذْ ثَمَرَةُ الْمَبْرُورِ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ثَوَابٌ إِلا الجَنَّةُ وَثَمَرَةُ القَبُولِ الصِّحَّةُ كَمَا فِي خَبَرِ لا يَقْبَلُ اللهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَالثَّوَابُ كَمَا فِي خَبَرِ مَنْ أَتَى عَرَّافًا لَمْ تُقْبَلْ صَلاتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّبِ هُنَا الجَيِّدُ) أَيْ المُسْتَحْسَنُ أَيْ عِنْدَ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمَحَلُّهُ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَحَبَّةَ المُعْطِي لِشَيْءٍ بِخُصُوصِهِ وَإِلا فَإِعْطَاؤُهُ مَا يُحِبُّهُ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَيِّدًا عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَيْسَ التَّصَدُّقُ بِالقَلِيلِ تَصَدُّقًا بِغَيْرِ الطَّيِّبِ لِقَوْلِهِمْ لَيْسَ مِنَ التَّصَدُّقِ بِالخَبِيثِ التَّصَدُّقُ بِالفُلُوسِ وَقَوْلِهِمْ يُسَنُّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِمَا تَيَسَّرَ وَلا يَأْنَفُ مِنَ التَّصَدُّقِ بِالقَلِيلِ وَلَيْسَ المُرَادُ أَنَّ التَّصَدُّقَ بِالخَبِيثِ غَيْرُ سُنَّةٍ بَلِ المُرَادُ أَنَّهُ مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّصَدُّقِ بِالطَّيِّبِ فَإِنْ قُلْتَ قَضِيَّةُ الآيَةِ الكَرَاهَةُ قُلْتُ المَكْرُوهُ إِنْ سَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ تَعَمُّدُ إِيثَارِ إِخْرَاجِ الخَبِيثِ وَإِمْسَاكِ الطَّيِّبِ أَمَّا المُخْرَجُ نَفْسُهُ فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ مُمَوَّلاً أُثِيبَ عَلَيْهِ أَوْ يُقَالُ الآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى خَبِيثٍ غَيْرِ مُمَوَّلٍ وَلا مُنْتَفَعٍ بِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ هُنَا عَنِ الطَّيِّبِ فِي غَيْرِ هَذَا المَوْضِعِ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَسْتَعْمِلُ بِمَعْنَى الحَلالِ فَقَطْ (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ المَحَاكَّةِ) هِيَ فِي الأَصْلِ الخُصُومَةُ وَالمُرَادُ بِهَا هُنَا المُشَاحَّةُ فِيمَا يُعَامِلُ فِيهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِعِبَادَةٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الكَلامَ فِيمَنْ يَشْتَرِي أَوْ يَسْتَأْجِرُ مِثْلاً لِنَفْسِهِ أَمَّا مَنْ يَفْعَلُ لِغَيْرِهِ بِوِلايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الاجْتِهَادُ فِي الشِّرَاءِ أَوِ الاسْتِئْجَارِ بِثَمَنِ المِثْلِ أَوْ أُجْرَتِهِ فَأَقَلَّ كَمَا لا يَخْفَى (قَوْلُهُ الثَّامِنَةُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لا يُشَارِكَ الخ) اعْلَمْ أَنَّ المُحَافَظَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِيهَا مِنْ أَهَمِّ
31