Hashiyat Ibn Abidin

Ibn Abidin d. 1252 AH
68

Hashiyat Ibn Abidin

حاشية ابن عابدين

Publisher

شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Edition Number

الثانية

Publication Year

1386 AH

Publisher Location

مصر

فَلَفْظُ الْفَتْوَى آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ، وَالْأَصَحِّ وَالْأَشْبَهِ وَغَيْرِهَا، وَلَفْظُ وَبِهِ يُفْتَى آكَدُ مِنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ آكَدُ مِنْ الصَّحِيحِ، وَالْأَحْوَطُ آكَدُ مِنْ الِاحْتِيَاطِ انْتَهَى. قُلْت: لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْحَلَبِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا يَجُوزُ مَسُّ مُصْحَفٍ إلَّا بِغِلَافِهِ إذَا تَعَارَضَ إمَامَانِ مُعْتَبَرَانِ عَبَّرَ أَحَدُهُمَا بِالصَّحِيحِ وَالْآخَرُ بِالْأَصَحِّ، فَالْأَخْذُ بِالصَّحِيحِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ، وَالْأَخْذُ بِالْمُتَّفَقِ أَوْفَقُ فَلْيُحْفَظْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي رِسَالَةِ آدَابِ الْمُفْتِي: إذَا ذُيِّلَتْ رِوَايَةٌ فِي كِتَابٍ يُعْتَمَدُ بِالْأَصَحِّ أَوْ الْأَوْلَى، أَوْ الْأَوْفَقِ أَوْ نَحْوِهَا، فَلَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِهَا وَبِمُخَالِفِهَا أَيْضًا أَيًّا شَاءَ، وَإِذَا ذُيِّلَتْ بِالصَّحِيحِ أَوْ الْمَأْخُوذِ بِهِ، أَوْ وَبِهِ يُفْتَى، أَوْ عَلَيْهِ الْفَتْوَى - ــ [رد المحتار] وَهَذَا التَّقْدِيمُ رَاجِحٌ لَا وَاجِبٌ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَفْظُ الْفَتْوَى) أَيْ اللَّفْظُ الَّذِي فِيهِ حُرُوفُ الْفَتْوَى الْأَصْلِيَّةِ بِأَيِّ صِيغَةٍ عَبَّرَ بِهَا ط. (قَوْلُهُ: آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ إلَخْ) لِأَنَّ مُقَابِلَ الصَّحِيحِ أَوْ الْأَصَحِّ وَنَحْوَهُ قَدْ يَكُونُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ لِكَوْنِهِ هُوَ الْأَحْوَطُ أَوْ الْأَرْفَقُ بِالنَّاسِ أَوْ الْمُوَافِقُ لِتَعَامُلِهِمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَرَاهُ الْمُرَجِّحُونَ فِي الْمَذْهَبِ دَاعِيًا إلَى الْإِفْتَاءِ بِهِ، فَإِذَا صَرَّحُوا بِلَفْظِ الْفَتْوَى فِي قَوْلٍ عُلِمَ أَنَّهُ الْمَأْخُوذُ بِهِ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ لَفْظَ وَبِهِ نَأْخُذُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ مُسَاوٍ لِلَفْظِ الْفَتْوَى وَكَذَا بِالْأَوْلَى لَفْظُ عَلَيْهِ عَمَلُ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا) كَالْأَحْوَطِ وَالْأَظْهَرِ ط. وَفِي الضِّيَاءِ الْمَعْنَوِيِّ فِي مُسْتَحَبَّاتِ الصَّلَاةِ: لَفْظَةُ الْفَتْوَى آكَدُ وَأَبْلَغُ مِنْ لَفْظَةِ الْمُخْتَارِ. (قَوْلُهُ: آكَدُ مِنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَوَّلَ يُفِيدُ الْحَصْرَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفَتْوَى لَا تَكُونُ إلَّا بِذَلِكَ، الثَّانِي يُفِيدُ الْأَصَحِّيَّةَ. اهـ. ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ آكَدُ مِنْ الصَّحِيحِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ مُقَابِلٌ لِلصَّحِيحِ، وَهُوَ: أَيْ الصَّحِيحُ مُقَابِلٌ لِلضَّعِيفِ، لَكِنْ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِبِيرِيٍّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِالْغَالِبِ؛ لِأَنَّا وَجَدْنَا مُقَابِلَ الْأَصَحِّ الرِّوَايَةَ الشَّاذَّةَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. اهـ. ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَحْوَطُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا عَبَّرَ فِيهِ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ ط، وَالِاحْتِيَاطُ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ كَمَا فِي النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: قُلْت لَكِنْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الرَّمْلِيِّ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ آكَدُ مِنْ بَعْضٍ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ مُرَادَهُ تَقْدِيمُ الْآكَدِ عَلَى غَيْرِهِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْأَصَحِّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَأَمَّا كَوْنُ مُرَادِهِ مُجَرَّدَ بَيَانٍ أَنَّ الْأَصَحَّ آكَدُ بِمُقْتَضَى أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي تَقْدِيمَ الصَّحِيحِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ، فَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي لَفْظِ الْفَتْوَى مَعَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ آكَدَ، وَلَا مَعْنَى لِآكَدِيَّتِهِ إلَّا تَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا مَا قَالَهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ بَعْدَ كَلَامٍ. قُلْت: وَقَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ لَا يُدْفَعُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحِيطِ، هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. (قَوْلُهُ: إمَامَانِ مُعْتَبَرَانِ) أَيْ مِنْ أَئِمَّةِ التَّرْجِيحِ ط. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا إلَخْ) أَيْ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا يُجْعَلُ الْآخَرُ أَصَحُّ. قُلْت: وَالْعِلَّةُ لَا تَخُصُّ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ، بَلْ كَذَلِكَ الْوَجِيهُ وَالْأَوْجَهُ وَالِاحْتِيَاطُ وَالْأَحْوَطُ أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: إذَا ذُيِّلَتْ رِوَايَةٌ إلَخْ) أَيْ جُعِلَ ذَيْلُهَا: أَيْ فِي آخِرِهَا، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ التَّذْيِيلَ بِالتَّصْحِيحِ وَقَعَ لِرِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ مُخَالَفَتِهَا فَلَيْسَ فِيهِ تَعَارُضُ التَّصْحِيحِ، لَكِنْ إذَا كَانَ التَّصْحِيحُ بِصِيغَةِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ أَفَادَ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْمُخَالِفَةَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا، فَلَهُ الْإِفْتَاءُ بِأَيٍّ شَاءَ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ الْأُولَى لِزِيَادَةِ الصِّحَّةِ فِيهَا، وَسَكَتَ عَنْهُ لِظُهُورِهِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّصْحِيحُ بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي قَصْرِ الصِّحَّةِ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ فَقَطْ كَالصَّحِيحِ وَالْمَأْخُوذِ بِهِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُفِيدُ ضَعْفَ الرِّوَايَةِ الْمُخَالِفَةِ لَمْ يَجُزْ الْإِفْتَاءُ بِمُخَالِفِهَا، لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْفُتْيَا بِالْمَرْجُوحِ جَهْلٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا

1 / 73