[١/ ٨٦] (٣) قوله: "ويجب بذله الخ" ظاهره: ولو لم يخف التلف. لكن مقتضى ما ذكروه في الأطعمة أنه يجب بذلُهُ بثمن مثله، ولو في ذمّةِ معسر، لا مجانًا، كما هو ظاهر عبارته هنا. وقول الشارح: "يستغني عن شربه": مفهومه أنه إن كان غير مستغنٍ عنه لا يجب بذله لغيره ولو خاف الضرر، لأنه لا يُزَالُ بضرره. وهو كذلك.
(٤) قوله: "من آدميًّ أو بهيمة محترمين" مفهومه أنه إذا كانا غير محترمين لا يجب بذله (١). ثم إن بَذَلَهُ لغير محترم، كزانٍ محصنٍ، ومرتد، وكلبٍ أسوَدَ بهيمٍ، وكان بعد دخول وقت الصلاة، أثم. ثم إن تيمّم وصلّى لم يُعِد، لأنه عادِمٌ للماء، كما يأتي فيمن أراقه، ونحوه.
(٥) قوله: "ولم يصح البيع ولا الهبة": فيكون الآخذ إن علم ذلك آثممًا، وإن توضأ به فوضوؤه غير صحيح.
(٦) قوله: "ظاهره أن شرطه الخ": أقول: الحكم كذلك، لكن لا يؤخذ من كلام المصنف حتى يقال "ظاهره الخ". أما لو كانت العبارة: "وإن وجد محدث بثوبه نجاسةٌ ماءًا يكفي لأحدهما وجب غسل ثوبه الخ" لساغ له أن يقول: "ظاهره أن شرطه الخ" فتنبه.
مسألة: ظاهر كلامهم أن تراب المسجد كمغصوب، لا يصح التيمم به. قال في "الفروع": ولعله غير مراد، فإنه لا يكره بتراب زمزم، مع أنه مسجد. قال: "ولأنه لو تيمم بتراب الغير جاز، في ظاهر كلامهم، للإذن فيه عادة وعرفًا، كالصلاة في أرضه. ولهذا قال أحمد لمن استأذنه في الكتابة من دواته: "هذا من الورع المظلم" واستأذن هو في مكان آخر، فحمله القاضي وابن عقيل على الكتابة الكثيرة.
وعن محمد بن طارق البغدادي، قال: كنت جالسًا إلى جنب أحمد بن حنبل فقلت: يا أبا عبد الله أستمدّ من محبرتك؟ فنظر إلي وقال: لم يبلغ ورعي وورعك
_________
(١) أي ولكن يستحب للحديث: "في كل ذات كبدٍ حرّى أجر" أخرجه أحمد وابن ماجه من حديث سراقة، وأحمد من حديث عبد الله بن عمرو.
1 / 32