ذلك بان طهارتها صحيحة ولا تشترط لها النية، للحاجة، ولو لم تصح طهارتها لما [١/ ٣٩] جاز لزوجها المسلم وطؤها. قلت: لكن يشكل على هذا قولهم فيما يكره استعماله عند قولهم: "أو استعمل في غسل كافر" فإنهم قالوا: "وشمل الذّمّيّة التي تغتسل لحلّ وطئها لزوجها المسلم" فجعلوه لم يرفع حدثًا مع أن الحكم مُنَاط (١) برفع الحدث، فلْيُتأمل.
(٤) قوله: "بأن لا يشاهدها الخ" المراد بالمشاهدة الحضور، لما أنهم ذكروا أن الأعمى يزيل الخلوة. لا يقال: المراد بها الرؤية ولو إمكانًا، أي فالأعمى لولا المانع لرأى، لما أنه يترتب على ذلك أنه لو كان بين المتخلّي وبين من تزول به الخلوةُ حائلٌ كجدار ونحوه، لكان لا يعد ذلك خلوة، إذ لولا المانع لحصلت الرؤية، وهو باطل. وظاهر كلامهم أن النائم لا تزول به الخلوة لعدم إحساسه، بخلاف الأعمى. لكن إن كان أصم فالظاهر أنه كالنائم وأولى، فلا تزول به خلوة، فحرِّر.
(٥) قوله: "وشمل الذّميّة الخ" مع أنهم قالوا: يصح غسلها من الحيض والنفاس بدون نيّة، لحاجة زوجها. وإذا صح غُسلها يكون قد ارتفع حدثها، فيكون ما استعملتْهُ في غسلها مَسْلوبَ الطهورية. فإن قيل: إنّ هذا الغسل مخفَّف ومبيح للوطء للحاجة، وليس رافعًا للحديث، كوضوء الجُنُب للُّبث في المسجد، قلت: يدفع هذا قولهم إن خلوتها بالماء لهذا الغُسل تؤثر فيه. ومن أنها لا تؤثر (٢) إلا إذا كانت رافعة لحدثٍ، كما تقدم.
(٦) قوله: "تشريفًا له": أي فعِلّةُ كراهة إزالة الخَبَث به تشريفه وتعظيمه. وقيل إن سبب ذلك اختيار الواقفِ وشرطه (٣). قال في الفروع: فعلى هذا اختَلَف
_________
(١) قوهل: "مُنَاطَ" الصواب من حيث اللغة "مَنُوط لا أي معلّق.
(٢) قوله "من أنّها لا تؤثر" كذا في الأصل، ويبدو أن صوابه: "ولا تؤثر".
(٣) يشير إلى ما روي أن العباس بن عبد المطلب، وكانت إليه سقاية زمزم، قال: "إني لا أُحِلُها لمغتسلٍ، وهي لشاربِ حِلٌ وبلّ". ذكره صاحب المغني (١/ ٨ ط ثالثة) ولكن ليس العباس عن احتفرها، بل أبوه عبد المطلب جدّ النبي ﷺ.
1 / 11