[١/ ٣٣] اقتداءً بالكتاب العزيز، وعملًا بحديث: "كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر" أي ذاهب البركة. رواه الخطيب بهذا اللفظ في كتابه "الجامع" (١)، والحافظ عبد القادر الرُّهاوي (٢). والباء في البسملة إما للمصاحبة [٢أ] أو للاستعانة، متعلّقة بمحذوف. وتقديرُهُ فعلًا أولى، لأن الأصل في العمل للأفعالِ، وخاصةً لأنه أنسب بالمقام، لأن كل شارعٍ في فنٍّ يضمر ما كانت البسمَلَةُ مبدأً له، ومؤخَرًا لإفادة الاختصاص.
و"الله " علم على الذاتِ الواجب الوجود، المستحق لجميع المحامد، الموصوف بكمال الإنعام، وبما دونه. فهو عَلَمٌ على المعبود بحق، إذ لم يستعمل في غيرِه تعالى. قال تعالى: ﴿هل تعلم له سميًّا﴾ [مريم: ٦٥] ومن ثَمَّ كان "لا إله إلا الله" توحيدًا، أي لا معبود بحق إلا الله الواحد الحق. فهو من الأعلام الخاصة، من حيث إنه لم يُسَم به غيره تعالى، ومن الأعلام الغالبة، من حيث إن أصله "إله"، قاله بعض المحقّقين.
و"الرحمن لما وصفٌ للفظ الجلالة. وهو خاص لفطًا، من حيث إنه لم يُسَمّ به غيره تعالى، وهو أيضًا من الأعلام الغالبة؛ أي: هو عَلَم بالغَلَبة، كـ"النجم" للثريّا، و"الكتاب" لكتاب سيبويه. فهو عامٌ معنىً، لأنه صفة لمعنى كثير الرحمة، ثم غَلَب على البالغ في الرحمة غايتها. ومعناه أيضًا أنه المتفضل بجلائل النعم في
_________
(١) هو كتاب "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" في أصول الحديث. وهو مطبوع. والحديث فيه (٢/ ٨٧) بلفظ: "فهو أقطع" وليس فيه "فهو أبتر" بل هذا اللفظ للرهاوي، كما في الفتح الكبير. وفي إحدى روايات الخطيب: "بحمد الله" بدل "ببسم الله " وكلتا الروايتين من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
وخرّجه الشيخ شعيب الأرناؤط في تحقيقه لصحيح ابن حبان تخريجًا ضافيًا (١/ ١٧٤) وضعّف إسناده. وذكر ممن أخرجه: أحمد (٢/ ٣٥٩) وأَبا داود (٤٨٤٠) والدارقطني (١/ ٢٢٩) وغيرهم.
(٢) عبد القادر بن عبد الله الرُّهاوي، بضم الراء، ويجوز فتحها، أبو محمد (٥٣٦ - ٦١٢هـ) من أهل الموصل. ذكره إسماعيل البغدادي في هدية العارفين، وقال فيه: الحافظ، محدّث الجزيرة، له تآليف. منها: "المادح والممدوح".
1 / 4