Al-Adawi's Commentary on the Sufficiency of the Aspiring Student

Ali al-Sa'idi al-Adawi d. 1189 AH
69

Al-Adawi's Commentary on the Sufficiency of the Aspiring Student

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Investigator

يوسف الشيخ محمد البقاعي

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publisher Location

بيروت

وُجُودِهِمْ وَبَعْثَةُ الرُّسُلِ وَبَدَأَ بِهِ فَقَالَ: (الْبَاعِثُ الرُّسُلِ) أَيْ وَمِنْ الْجَائِزِ الَّذِي يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَالْإِيمَانُ بِهِ بَعْثَةُ الرُّسُلِ (إلَيْهِمْ) أَيْ إلَى الْعِبَادِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ بَعْضِ الْعِبَادِ وَهُمْ الْمُكَلَّفُونَ مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ) إذْ الْمَقَامُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ التَّكْلِيفِ وَهِيَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَبُلُوغُ الدَّعْوَةِ، فَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ [الإسراء: ١٥] . وَمِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ عَلَى مَا قَالَ (ع) قَوْلُهُ: (ثُمَّ خَتَمَ الرِّسَالَةَ) وَهِيَ اخْتِصَاصُ النَّبِيِّ ﷺ بِخِطَابِ التَّبْلِيغِ (وَالنِّذَارَةِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ التَّحْذِيرُ مِنْ السُّوءِ، (وَالنُّبُوَّةَ) مِنْ النَّبَأِ وَهُوَ الْخَبَرُ أَوْ مِنْ النُّبُوَّةِ وَهِيَ الرِّفْعَةُ (بِمُحَمَّدٍ ــ [حاشية العدوي] لَا يَخْفَى أَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ وَلَيْسَ مِنْ بَاب الْفَضْلِ بَلْ مِنْ بَابِ الْعَدْلِ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: وَالْإِحْسَانِ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ. [قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِمْ بَعْدَ وُجُودِهِمْ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَإِعْدَامِهِمْ بَعْدَ وُجُودِهِمْ، أَيْ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْفَضْلِ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إلَى حَيَاةٍ دَائِمَةٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّكَلُّمَ عَلَى الْإِيجَادِ بَعْدَ الْعَدَمِ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ، إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ أَنْ يَنْظُرَ بِهِ الْإِعَادَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَيْ فِي قَوْلِهِ كَمَا بَدَأَهُمْ يَعُودُونَ، وَأَنَّ الْإِعْدَامَ بَعْدَ الْوُجُودِ إنَّمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: يَمُوتُ [قَوْلُهُ: وَالْإِيمَانُ بِهِ] أَيْ الْإِذْعَانُ، وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُغَايِرٌ. [قَوْلُهُ: وَبَعْثَةُ الرُّسُلِ] الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ آدَمَ وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. [قَوْلُهُ: وَهُمْ الْمُكَلَّفُونَ] أَيْ مِنْ الْإِنْسِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ رَسُولٍ، وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ بِالنِّسْبَةِ لِنَبِيِّنَا ﷺ فَلَمْ يُرْسَلْ لِلْجِنِّ غَيْرُهُ وَتَسَلُّطُ السَّيِّدِ سُلَيْمَانَ إنَّمَا هُوَ تَسَلُّطُ مُلْكٍ لَا رِسَالَةٍ. [قَوْلُهُ: لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ] بَيَانٌ لِفَائِدَةِ الْبَعْثَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ لَمْ يُرْسِلْ لَهُمْ رَسُولًا لَقَالُوا: هَلْ أَرْسَلْت إلَيْنَا رَسُولًا فَلَا حُجَّةَ تُقَامُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَرْسَلَ لَهُمْ الرَّسُولَ ثَبَتَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ. [قَوْلُهُ: فَالصَّبِيُّ] أَيْ مَنْ مَاتَ صَبِيًّا [قَوْلُهُ: وَالْمَجْنُونُ] أَيْ مَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَمَاتَ عَلَى جُنُونِهِ، وَأَمَّا مَنْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ وَمَاتَ عَلَيْهِ فَالْعِبْرَةُ بِالْحَالَةِ الَّتِي عَلَيْهَا مِنْ إسْلَامٍ أَوْ كُفْرٍ. [قَوْلُهُ: غَيْرُ مُؤَاخِذٍ] أَيْ مُرْسَلٌ لَهُ الرُّسُلَ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَفْضَلَ، وَيَلْزَمُ مَنْ نَفْيِ الرِّسَالَةَ نَفْيُ الْأَخْذِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّبِيَّ مُكَلَّفٌ بِالْمَنْدُوبِ، فَيَكُونُ الرَّسُولُ مُرْسَلًا إلَيْهِ بِاعْتِبَارِهِ [قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى] دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ وَفِي حُكْمِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ إذْ الرَّسُولُ فِي حَقِّهِمَا كَالْعَدَمِ، فَيَصْدُقُ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا لَمْ يُبْعَثْ لَهُمَا رَسُولٌ فَالْآيَةُ دَلِيلٌ لِلثَّلَاثَةِ، وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْفَتْرَةِ لَا يُعَذَّبُونَ وَهُمْ فِي الْجَنَّةِ. [قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ] إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ تَتِمَّةٌ لِمَا قَبْلَهُ جَاءَ بِهِ فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ، وَذَلِكَ الْوَاجِبُ وَاجِبُ أُصُولٍ فَمَنْ كَذَّبَ بِهِ أَوْ شَكَّ فَهُوَ كَافِرٌ، وَاخْتُلِفَ فِي الْجَاهِلِ وَيَظْهَرُ عَدَمُ كُفْرِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ [قَوْلُهُ: اخْتِصَاصُ النَّبِيِّ إلَخْ] أَيْ كَوْنُهُ مُخْتَصًّا بِذَلِكَ الْخِطَابِ الَّذِي صَارَ رَسُولًا بِهِ. وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ تَفْسِيرَ الرِّسَالَةِ بِذَلِكَ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ، وَتَفْسِيرُهَا الْحَقِيقِيُّ كَوْنُهُ مُوحًى إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ. [قَوْلُهُ: بِخِطَابِ التَّبْلِيغِ] يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ بَاقِيًا عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ اخْتِصَاصُ النَّبِيِّ بِتَوْجِيهِ الْكَلَامِ إلَيْهِ لِأَجْلِ التَّبْلِيغِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مِنْهُ اسْمُ الْمَفْعُولِ أَيْ اخْتِصَاصُهُ بِكَلَامِ مُخَاطَبٍ بِهِ دَالٌّ عَلَى أَحْكَامٍ لِأَجْلِ تَبْلِيغِهَا [قَوْلُهُ: مِنْ السُّوءِ] أَيْ عَذَابِ اللَّهِ [قَوْلُهُ: مِنْ النَّبَأِ] أَيْ قَالُوا: وَفِي نُبُوَّةٍ أَصْلُهَا الْهَمْزُ أَوْ تُقْرَأُ بِالْهَمْزِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْخَبَرُ] أَيْ فَالنَّبِيُّ مُخْبَرٌ بِفَتْحِ الْبَاءِ عَنْ اللَّهِ، وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ بِنُبُوَّتِهِ لِيُحْتَرَمَ. [قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ النُّبُوَّةِ] وَعَلَيْهِ فَيَقْرَأُ نُبُوَّةٌ بِالْوَاوِ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ الرِّفْعَةُ] أَيْ فَهُوَ أَيْ النَّبِيُّ مُرْتَفِعٌ أَوْ مَرْفُوعٌ فَهُوَ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَوْ اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَعَارَفَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ هَذَيْنِ إنَّمَا هُوَ نَبِيٌّ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا، وَلَا يَخْفَى أَيْضًا أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى تَفْسِيرِ النُّبُوَّةِ بِالرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ لَا الرِّفْعَةُ وَقَدَّمَ الرِّسَالَةَ عَلَى النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ أَفْضَلُ مِنْ النُّبُوَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَدَّمَ النِّذَارَةَ عَلَى النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ لَوَازِمِ الرِّسَالَةِ. [قَوْلُهُ: بِمُحَمَّدٍ] أَيْ بِرِسَالَةِ وَنِذَارَةِ

1 / 71