Al-Adawi's Commentary on the Sufficiency of the Aspiring Student

Ali al-Sa'idi al-Adawi d. 1189 AH
12

Al-Adawi's Commentary on the Sufficiency of the Aspiring Student

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Investigator

يوسف الشيخ محمد البقاعي

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publisher Location

بيروت

الِاعْتِقَادَ بِاتِّصَافِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ أَوْ فِعْلُ اللِّسَانِ، أَعْنِي ذِكْرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْ فِعْلُ الْجَوَارِحِ وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِأَفْعَالٍ دَالَّةٍ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ الشُّكْرُ لُغَةً. وَأَمَّا اصْطِلَاحًا: فَهُوَ صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَغَيْرِهِمَا إلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ. وَأَعْطَاهُ لِأَجْلِهِ كَصَرْفِ النَّظَرِ إلَى مُطَالَعَةِ مَصْنُوعَاتِهِ، وَالسَّمْعِ إلَى تَلَقِّي مَا ــ [حاشية العدوي] الْمُشْتَقُّ مِنْهُ لَفْظُ الْمُنْعِمِ. [قَوْلُهُ: إمَّا فِعْلُ الْقَلْبِ] أَيْ الْعَقْلِ أَيْ عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ النَّفْسِ، إلَّا أَنَّ الْقَلْبَ آلَةُ هَذَا وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضٌ إلَى أَنَّ الْقَلْبَ يُطْلَقُ عَلَى النَّفْسِ فَلَا تَجُوزُ. [قَوْلُهُ: أَعْنِي الِاعْتِقَادَ] سَوَاءٌ كَانَ جَازِمًا أَوْ رَاجِحًا ثَابِتًا أَمْ لَا. [قَوْلُهُ: بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ] أَرَادَ بِالْأُولَى الْأَوْصَافَ الثُّبُوتِيَّةَ كَالْعِلْمِ وَالْكَرَمِ، وَأَرَادَ بِالثَّانِيَةِ أَعْنِي الْجَلَالَ الْأَوْصَافَ السَّلْبِيَّةَ كَعَدَمِ الْبُخْلِ وَكَالْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْلَى ﵎، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصِّفَاتُ اخْتِيَارِيَّةً أَوْ لَا كَمَا ظَهَرَ مِمَّا ذَكَرْنَا. تَنْبِيهٌ: أَرَادَ بِالصِّفَاتِ الْجِنْسَ فَيَصْدُقُ بِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَدُّدُ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: أَعْنِي ذِكْرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ] أَيْ ذِكْرَ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى اتِّصَافِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ إلَخْ، وَمُرَادُهُ بِالذِّكْرِ حَرَكَاتُ اللِّسَانِ، النَّاشِئُ عَنْهَا اللَّفْظُ بِمَعْنَى الْمَلْفُوظِ الْمَوْصُوفِ بِكَوْنِهِ دَالًّا عَلَى الِاتِّصَافِ لَا مُقَارَنَةَ الْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ لِتِلْكَ الْحَرَكَاتِ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَحَدِّدَ ثَلَاثَهُ أُمُورٍ: الْمُقَارَنَةُ وَالْحَرَكَةُ وَالْمَلْفُوظُ وَالْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ فِعْلًا لِلِّسَانِ نَفْسُ الْحَرَكَةِ لَا نَفْسُ مُقَارَنَةِ الْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ لِلْحَرَكَةِ وَلَا الْمَلْفُوظُ، فَحِينَئِذٍ يَرِدُ أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِكَوْنِهِ يُشْعِرُ بِتَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ هُوَ اللَّفْظُ بِمَعْنَى الْمَلْفُوظِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الِاتِّصَافِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ لَا الذِّكْرُ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ، فَيُجَابُ بِأَنْ يُرَادَ بِالذِّكْرِ بِمَعْنَى الْمَذْكُورِ الَّذِي هُوَ الْمَلْفُوظُ وَإِضَافَتُهُ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَتَسْمِيَتُهُ فِعْلًا لِلِّسَانِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ نَاشِئًا عَنْ فِعْلِهِ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِتْيَانُ] فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ فِعْلَ الْجَوَارِحِ هُوَ الْأَفْعَالُ الَّتِي هِيَ الْحَرَكَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى الِاتِّصَافِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ لَا الْإِتْيَانُ الَّذِي هُوَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ الَّذِي هُوَ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ بِتِلْكَ الْحَرَكَاتِ، وَأَيْضًا فَالْإِتْيَانُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ هُوَ الْمُشْعِرُ بِالتَّعْظِيمِ بَلْ الْمُشْعِرُ هُوَ نَفْسُ الْحَرَكَاتِ، فَالْمُخَلِّصُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُؤَوَّلَ الْإِتْيَانُ بِمَا أَتَى بِهِ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِأَفْعَالِ التَّصْوِيرِ [قَوْلُهُ: بِأَفْعَالٍ إلَخْ] أَيْ جِنْسِ أَفْعَالٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِعْلٌ وَاحِدٌ. [قَوْلُهُ: دَالَّةٍ عَلَى ذَلِكَ] أَيْ عَلَى اتِّصَافِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ. [قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ] أَيْ فَبَيْنَ الْحَمْدِ الْعُرْفِيِّ وَالشُّكْرِ اللُّغَوِيِّ التَّرَادُفُ كَانَ الْإِنْعَامُ عَلَى الشَّاكِرِ أَوْ غَيْرِهِ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا اصْطِلَاحًا] أَيْ اصْطِلَاحَ الشَّرْعِ لِاخْتِصَاصِ الْمُتَعَلِّقِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاصْطِلَاحَ فِي الْحَمْدِ مُغَايِرٌ لِلِاصْطِلَاحِ فِي الشُّكْرِ. [قَوْلُهُ: صَرْفُ إلَخْ] يُحْتَمَلُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ صَرْفُهُ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِ النِّعْمَةِ، وَيُحْتَمَلُ وَلَوْ فِي بَعْضِهَا وَالْأَوَّلُ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الشُّكْرُ إلَّا بِصَرْفِ اللِّسَانِ لِلشُّكْرِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءٍ مِنْ وُجُودِهِ، وَلَا خَفَاءَ فِي تَعَذُّرِ هَذَا أَوْ تَعَسُّرِهِ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَلْزَمُ عَلَيْهِ كَثْرَةُ الشَّاكِرِينَ فِينَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣] اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالصَّرْفِ هُنَا أَنَّهُ لَا يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ اهـ. وَيُجَابُ بِمَا أَفَادَهُ خُسْرٍ وَمِنْ أَنَّ الْقِلَّةَ بِاعْتِبَارِ صِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ، وَأَمَّا نَفْسُ أَفْرَادِ الشَّاكِرِينَ فَكَثِيرٌ فَلَا مُنَافَاةَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي. [قَوْلُهُ: مَا أَنْعَمَ اللَّهُ إلَخْ] مَا مَوْصُولَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، أَيْ جَمِيعُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ أَيْ الْعَبْدِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ السَّمْعِ بَيَانٌ لِمَا. [قَوْلُهُ: إلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ] أَيْ الَّذِي أَوْ شَيْءٌ خَلَقَهُ اللَّهُ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَغَيْرِهِمَا لِأَجْلِ مَا، فَمَصْدُوقُ " مَا " مُطَالَعَةُ مَصْنُوعَاتِهِ مَثَلًا إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ أَخَلَّ بِإِبْرَازِ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّ الصِّلَةَ أَوْ الصِّفَةَ لَمْ تَجْرِ عَلَى " مَا " كَمَا تَبَيَّنَ. [قَوْلُهُ: وَأَعْطَاهُ] عَطْفٌ عَلَى خَلَقَ، وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْبَارِزُ مَفْعُولُهُ الثَّانِي، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ، وَتَقْدِيرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَوَّلِهَا: صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَغَيْرِهِمَا إلَى شَيْءٍ

1 / 14