The Marginalia of Al-'Attar on the Collection of Comprehensive Works
حاشية العطار على جمع الجوامع
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
بدون طبعة وبدون تاريخ
وَهَلُمَّ جَرَّا فَلَا غَايَةَ لِلنِّعَمِ حَتَّى يُوقَفُ بِالْحَمْدِ عَلَيْهَا ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨] وَازْدَادَ وَزَادَ اللَّامَ مُطَاوِعًا زَادَ الْمُتَعَدِّيَ تَقُولُ زَادَ اللَّهُ النِّعَمَ عَلَيَّ فَازْدَادَتْ وَزَادَتْ.
(وَنُصَلِّي) .
(عَلَى نَبِيِّك مُحَمَّدٍ) .
مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَهِيَ الدُّعَاءُ بِالصَّلَاةِ أَيْ الرَّحْمَةِ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ «أَمَرَنَا اللَّهُ نُصَلِّي عَلَيْك فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ» إلَخْ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا صَدْرَهُ فَمُسْلِمٌ.
وَالنَّبِيُّ
ــ
[حاشية العطار]
النِّعْمَةِ الْغَيْرِ مَوْجُودَةِ حَالَ الْحَمْدِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يُوقَفَ بِالْحَمْدِ عَلَيْهَا) أَيْ تِلْكَ الْغَايَةِ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَهَلُمَّ جَرَّا فَحَتَّى تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَازْدَادَ وَزَادَ) اللَّازِمُ تَخْصِيصُ زَادَ بِتَقْيِيدِهِ بِاللَّازِمِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ ازْدَادَ مُطَاوِعٌ فِي حَالَتَيْ التَّعَدِّي وَاللُّزُومِ.
(قَوْلُهُ: وَنُصَلِّي) لَمْ يُسَلَّمْ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهِيَةِ إفْرَادِ الصَّلَاةِ عَلَى السَّلَامِ وَالْقَائِلُ بِالْكَرَاهَةِ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ السِّنْدِيُّ وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ ابْنُ الْجَزَرِيِّ وَغَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: مُحَمَّدٌ) عَطْفُ بَيَانٍ عَلَى نَبِيٍّ لَا صِفَةٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْعَلْمَ يَنْعَتُ وَلَا يُنْعَتُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فِي سُورَةِ الْمَلَائِكَةِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ﴾ [فاطر: ١٣] مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي حُكْمِ الْإِعْرَابِ إيقَاعُ اسْمِ اللَّهِ صِفَةً لِاسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ وَرَبُّكُمْ خَبَرٌ إنَّمَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ كَالْمُسْتَحِقِّ لِلْعِبَادَةِ وَإِلَّا فَتَجْوِيزُ نَعْتِ اسْمِ الْإِشَارَةِ بِمَا لَيْسَ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ وَمَا لَيْسَ بِمَوْصُولٍ مِمَّا أَجْمَعَ النُّحَاةُ عَلَى بُطْلَانِهِ وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ أَيْضًا بِامْتِنَاعِ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فِي مُفَصَّلِهِ وَأَيْضًا صَرَّحَ فِي أَوَائِلِ الْكَشَّافِ بِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ لَا يُوصَفُ بِهِ وَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى عَلَمِيَّتِهِ ثُمَّ الْبَدَلِيَّةِ وَإِنْ جَوَّزَهَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾ [مريم: ٢] لَكِنْ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ هَا هُنَا أَيْضًا الصِّفَةُ السَّابِقَةُ وَتَقْرِيرُ النِّسْبَةِ تَبَعٌ وَالْبَدَلِيَّةُ تَسْتَدْعِي الْعَكْسَ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ مَأْخُوذَةٌ مِنْهَا وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ قَيْدٌ أَوَّلٌ مُخْرِجٌ لِلصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ ذَاتِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، وَقَوْلُهُ الْمَأْمُورُ بِهَا قَيْدٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ الْغَيْرِ مَأْمُورٍ بِهَا أَعْنِي صَلَاةَ اللَّهِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ الدُّعَاءُ بِالصَّلَاةِ) فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ لِإِنْشَاءِ الدُّعَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَالَ الْكُورَانِيُّ الصَّلَاةُ نَفْسُ الدُّعَاءِ، وَالدُّعَاءُ يَلْزَمُهُ التَّعْظِيمُ فَإِنَّ مَنْ دَعَوْتَ لَهُ فَقَدْ عَظَّمْتَهُ فَأُطْلِقَ الْمَلْزُومُ وَأُرِيدَ اللَّازِمُ فَيَكُونُ مَجَازًا مُرْسَلًا أَيْ وَتُعَظِّمُ نَبِيَّك بِأَنْ تَقُولَ يَا إلَهَنَا صَلِّ عَلَيْهِ أَيْ عَظِّمْهُ وَبَجِّلْهُ اهـ.
قَالَ سَمِّ وَهُوَ تَوْجِيهٌ غَيْرُ مُلْتَفَتٍ إلَيْهِ فَإِنَّ فِيهِ صَرْفَ الْكَلَامِ عَنْ حَقِيقَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إلَى ذَلِكَ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مَعَ مُخَالَفَةِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَظَاهِرِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ فَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ مَعْنَى الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ الرَّحْمَةُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ مَرْحُومٌ فَلَا نَطْلُبُ لَهُ الرَّحْمَةَ وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ أَنْوَاعَ الرَّحْمَةِ وَمَرَاتِبَهَا لَا تَنْحَصِرُ وَلَيْسَ جَمِيعُهَا حَاصِلًا لَهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَيُطْلَبُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَيْسَ حَاصِلًا لَهُ اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ السِّنْدِيُّ هَذَا عَجِيبٌ فَفِي النِّهَايَةِ قِيلَ إنَّ أَصْلَهَا فِي اللُّغَةِ التَّعْظِيمُ وَقَالَ مَعْنَى قَوْلِنَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَظِّمْهُ فِي الدُّنْيَا بِإِعْلَاءِ ذِكْرِهِ وَإِظْهَارِ دَعْوَتِهِ وَإِبْقَاءِ شَرِيعَتِهِ وَفِي الْآخِرَةِ بِتَشْفِيعِهِ فِي أُمَّتِهِ وَمُضَاعَفَةِ أَجْرِهِ وَمَثُوبَتِهِ وَقَدْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الصَّلَاةُ الَّتِي بِمَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالتَّكْرِيمِ لَا تُقَالُ لِغَيْرِهِ وَاَلَّتِي بِمَعْنَى الدُّعَاءِ تُقَالُ لِغَيْرِهِ وَمِثْلُ هَذَا مَذْكُورٌ فِي الشِّفَاءِ لِعِيَاضٍ نَقْلًا عَنْ الْقُشَيْرِيِّ وَغَيْرِهِ نَعَمْ زَادَ الْكُورَانِيُّ حَيْثُ جَعَلَ الْأَصْلَ هُوَ الدُّعَاءُ وَاعْتَبَرَ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِي التَّعْظِيمِ مِنْ بَابِ الِاسْتِعْمَالِ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ لَكِنَّهُ لَازِمٌ مَشْهُورٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ عِنْدَهُمْ حَتَّى قَالُوا إنَّهُ الْحَقِيقَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَخْذًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِ صَلَاتِنَا عَلَيْهِ مَأْمُورًا بِهَا وَكَوْنِهَا بِمَعْنَى دُعَائِنَا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ أَخَذْنَا ذَلِكَ مِنْهُ أَخْذًا فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى هَاتَيْنِ الدَّعْوَتَيْنِ فَقَطْ.
وَأَمَّا الدَّعْوَى الَّتِي تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ أَيْ الرَّحْمَةُ مِنْ صَلَاةِ اللَّهِ بِمَعْنَى رَحْمَتِهِ فَلَا يَدُلُّ لَهَا الْحَدِيثُ بَلْ هُوَ مَعْنًى لُغَوِيٌّ طَرِيقُ إثْبَاتِهِ النَّقْلُ عَنْهَا (قَوْلُهُ أَمَرَنَا اللَّهُ) أَمَرَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ كَمَا يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ يُقَالُ أَمَرْتُك الْخَيْرَ وَأَمَرْتُك بِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْبَاءِ وَإِنْ كَانَ حَذْفُهَا مَعَ إنْ وَأَنْ مُطَّرِدًا.
(قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) أَيْ رَوَيَا غَالِبَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا صَدْرَهُ فَمُسْلِمٌ وَذَلِكَ الصَّدْرُ هُوَ قَوْلُهُ «أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْك»
(قَوْلُهُ: وَالنَّبِيُّ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ وَهُوَ إنْسَانٌ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فَرْدٌ وَالْمَقْصُودُ تَعْرِيفُ النَّبِيِّ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ
1 / 19