Ḥāshiyat Muḥyī al-Dīn-zāda ʿalā tafsīr al-Qāḍī al-Bayḍāwī
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
الطغيان على سبيل الاستئناف وتقريرا لقوله ويمدهم في طغيانهم يعمهون.
قوله (تعالى: أولئك الذين) في محل الرفع على أنه مبتدأ وقوله: الذين مع صلته خبره وقوله: ربحت تجارتهم عطف على الجملة الواقعة صلة وهي اشتروا وحركت الواو في اشتروا لالتقاء الساكنين واختير لها الضم للفرق بين واو الجمع والواو الأصلية في نحو استقاموا. وقال الفراء: حركت بمثل حركة الياء المحذوفة قبلها. وقال ابن كيسان:
الضمة في الواو أخف من الكسرة أو هي مثلها في جنسهم. قوله: (اختاروها عليه) مبني على ما تقرر من أن الباء تصحب المتروك الذي كان في يده، ثم أعرض عنه لتحصيل غيره، وأن فعل الاشتراء إنما يتعدى بنفسه للمأخوذ المختار. قوله: (وأصله) أي أصل الاشتراء.
ومعناه الحقيقي في عرف أهل اللغة وهو تصريح بأن الاختيار والاستبدال معنى مجازي له.
وقوله: «من الأعيان» احتراز عن بذل المال لتحصيل المنفعة فإنه استئجار لا اشتراء. وقوله:
«تعين» جزاء الشرطية وقوله: «أن يكون ثمنا» فاعل تعين وما بينهما اعتراض للتعليل. وفي الصحاح: أهل الحجاز يسمون الدراهم والدنانير نضا وناضا فالنض من الأموال عندهم ما ليس بسلعة ولا حيوان ولا عقار، ويقال له: النقد أيضا. أي إن كان أحد العوضين فقط درهم ودنانير تعين أن يكون بدله اشتراء وأن يكون نفس ذلك العوض ثمنا من حيث إن ذلك العوض لا يطلب لتحصيل الأعيان أو المنافع وهو معنى الثمن. قوله: (وإلا) أي وإن لم يكن أحد العوضين فقط ناضا بأن لا يكون شيء منهما ناضا كما في بيع السلعة بالسلعة، أو كان كلاهما ناضين معا كما في الصرف فأي العوضين تصورته بصورة الثمن. وأدخلت عليه الباء فيما إذا كان العوض بالإيجاب والقبول بذكر اللفظين أو اعتبرت كون بذله وسيلة لتحصيل غيره كما في البيع بطريق التعاطي. فباذل ذلك العوض المتصور بصورة الثمن يسمى مشتريا لما في يد الآخذ، وآخذه يسمى بائعا لما في يده. قوله: (ولذلك) أي ولأجل أن كل واحد من العاقدين فيما لم يكن أحد العوضين ناضا يصح أن يسمى بائعا ومشتريا باعتبارين عدت كلمتا البيع والشراء من الأضداد حيث أطلق كل واحد منهما على كل واحد من الإيجاب والقبول في عقد المقابضة والصرف، كما أطلق لفظ الجون على الأبيض والأسود، ولفظ القرء على الطهر والحيض. قوله: (سواء كان من المعاني أو الأعيان) الظاهر أن المستتر في «كان» راجع إلى كل واحد من الغير «وما» الموصولة في قوله: «عما في يده محصلا به غيره» على سبيل البدل. وقد ذكر أن ما في يده في الاشتراء الحقيقي مخصوص بكونه مالا متقوما لأن الثمن اسم للمال المتقوم وكذا المال العين الذي يطلب تحصيله ببذل ما في يده مخصوص بكونه من الأعيان. وقد استعمل لفظ «اشتروا» في الآية بمعنى استبدلوا
Page 304