220

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genres

كقوله تعالى: وإذا قيل لهم آمنوا [البقرة: 13، 91] وقوله: يوم ينفع الصادقين صدقهم [المائدة: 119] وقولهم:

تسمع بالمعيدي خير من أن تراه

وإنما عدل ههنا عن المصدر إلى الفعل لما فيه من إيهام التجدد وحسن دخول الهمزة «وأم» عليه لتقرير معنى الاستواء وتأكيده، فإنهما جردتا عن معنى الاستفهام لمجرد الفعل مسندا إليه من حيث إنه أريد به اللفظ أي وإذا قيل لهم هذا اللفظ وهو «آمنوا»، وأورد قوله يوم ينفع الصادقين [المائدة: 119] مثالا لكونه مضافا إليه من حيث إنه أريد به مطلق الحدث أي يوم نفع الصادقين. وإذا جاز أن يقع الفعل مضافا إليه حين إذ يراد به مطلق الحدث جاز أن يخبر عنه حين إذ يراد به ذلك كما في هذه الآية. فإن قوله تعالى:

أأنذرتهم أم لم تنذرهم وإن كان في اللفظ جملة فعلية استفهامية لكنه في المعنى مصدر مضاف إلى الفاعل أي إنذارك وعدمه وهو مما يصح أن يخبر عنه. وأورد قوله: «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» مثالا لكون الفعل مسندا إليه حين إذ يراد به مطلق الحدث على الاتساع، فإن قوله: «تسمع» في المعنى مصدر مضاف إلى الفاعل أي سماعك به خير من رؤيتك إياه. ولما ورد أن يقال: إن الفعل إذا أول بالمصدر لم عدل عن لفظ المصدر إلى صيغة الفعل والعدول عن الحقيقة إلى المجاز لا بد أن يكون لفائدة فما تلك الفائدة ههنا؟

أجاب عنه بقوله: «وإنما عدل ههنا عن المصدر إلى الفعل» يعني أن العدول لفائدتين:

إحداهما معنوية والأخرى لفظية. أشار إلى الأولى بقوله: «إيهام التجدد» باعتبار دخول الزمان الذي من شأنه التغير والتجدد في مفهوم الفعل فإنه يؤذن بكون التجدد معتبرا في الحدث المقترن به ففي لفظ الفعل إيهام تجدد الإنذار ووقوعه وعدم نفع ذلك أصلا وهو أدل على إفادة اليأس وقطع رجاء الإيمان منهم بالكلية. ولو قيل: سواء عليهم إنذارك وعدم إنذارك لم يفهم منه المعنى المذكور وإنما يدل على عدم نفع الإنذار في الجملة. وإنما قال «إيهام التجدد لأن حقيقة التجدد إنما تستفاد من الفعل المستعمل في معناه الحقيقي دون المعنى المصدري التضمني. وأشار إلى الثانية بقوله: «وحسن دخول الهمزة وأم عليه» فإنه لا يحسن على المصدر لما تقرر من أن الاستفهام بالفعل أولى. قوله: (لتقرير معنى الاستواء) متعلق بدخول الهمزة وإنما قال: «لتقرير معنى الاستواء» ولم يقل لإفادة معنى الاستواء لأن أصل معنى الاستواء قد حصل في علم المستفهم الذي قدر منه أن يستفهم ربه، ويقول: «أأنذرتهم أم لا» فهذا الاستفهام مبني على أمرين: الأول استواء الأمرين عنده وعدم رجحان أحدهما على الآخر في صحة الوقوع، والثاني طلب تعيين أحدهما. فأجيب بكلام مشتمل على كلمتي الهمزة «وأم» الموضوعتين للدلالة على الاستفهام المبني على استواء الأمرين لتقرير

Page 226