164

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genres

الوقف على ما قبله تاما لأن المستأنف كلام مفيد مستقل بنفسه وإن كان مرتبطا بما قبله ارتباطا معنويا من حيث كونه جوابا عن سؤال نشأ مما قبله، وهو يدل على أنه إن كان موصولا بالمتقين صفة له مدحا منصوبا أو مرفوعا يكون الوقف على (المتقين) حسنا غير تام لأنه وقف على كلام مفيد لا يستقل ما بعده بدونه بل يتعلق به في الإعراب أو في المعنى. وفي الحواشي السعدية: فإن قيل : إذا كان اللذين يؤمنون مدحا منصوبا أو مرفوعا فهي جملة مستقلة لا تعلق لها بما قبلها من جهة الإعراب فينبغي أن يكون الوقف على (المتقين) تاما حينئذ، قلنا: هو في المعنى وصف لما قبله فكأنه وصف لما قبله فكأنه تابع له في الإعراب عن أبي علي الفارسي رحمه الله: أنه إذا ذكرت صفات المدح والذم وخولف في بعضها الإعراب فقد خولف للافتنان ويسمى ذلك قطعا، وللتنبيه على شدة هذا الاتصال يلزم حذف الفعل في المنصوب على المدح بتقدير «أعني» وحذف المبتدأ في المرفوع على المدح بتقديرهم ليكون في الصورة مرتبطا بما قبله فلا يكون المخصوص بالمدح كلاما مستقلا بنفسه منقطعا عما قبله من حيث المعنى والحقيقة ولهذا كان الوقف على (المتقين) حسنا غير تام. قوله: (والإيمان في اللغة عبارة عن التصديق) كقوله تعالى حكاية لقول أخوة يوسف لأبيهم يعقوب عليهم الصلاة والسلام وما أنت بمؤمن لنا [يوسف: 17] أي بمصدق، ومعنى التصديق هو اعتقاد السامع صدق المخبر فيما يخبر به، فمن صدق الله تعالى فيما أخبر به في كتابه وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به معتقدا بالقلب صدقهما فهو مؤمن. ثم إن الإيمان بهذا المعنى منقول من الإيمان بمعنى جعل أحد آمنا من أمر فإن الإيمان أفعال من الأمن يقال: آمنته فلانا أي جعلته آمنا منه، وآمنته غيري أي جعلت غيري آمنا منه. والثلاثي منه يتعدى إلى مفعول واحد تقول: آمنته أي كنت آمنا منه، وبالفارسي أمين شدم ازو. وإذا نقل إلى باب الأفعال قيل: يجوز في آمن أن يتعدى إلى مفعول ثان كما مر، وأن يكون بمعنى صار ذا أمن فإن الهمزة إذا دخلت على الفعل اللازم عدته وإذا دخلت على الفعل المتعدي فإما أن تعديه إلى مفعول ثان أو تجعله لازما على معنى الصيرورة وسيجيء أن كلا من الوجهين حسن في يؤمنون. قوله: (كان المصدق آمن المصدق الخ) إشارة إلى بيان المناسبة بين المعنى المنقول عنه والمنقول إليه. والمصدق الأول بكسر الدال والثاني بفتحها إذ هما لتصديق وجعل الغير آمنا، وكلا المعنيين اللغويين معنيان حقيقيان للفظ الإيمان وضع أولا لجعل الشيء آمنا من أمر ثم وضع ثانيا لمعنى يناسبه وهو التصديق، فإنك إذا صدقت المخبر فقد آمنته من تكذيبك. وقيل: إنه مجاز لغوي في التصديق كما يشعر به ظاهر كلام صاحب الكشاف حيث قال: وحقيقته آمنه من التكذيب وذلك لأن الأمن

Page 170