Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
وفي الحديث دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الشك ريبة والصدق طمأنينة. ومنه ريب الزمان لنوائبه.
هدى للمتقين (2) يهديم إلى الحق والهدى في الأصل مصدر كالسرى والتقى، ومعناه الدلالة. وقيل: الدلالة الموصلة إلى البغية لأنه جعل مقابل الضلالة في فإنه يقتضي سكونا وراحة. والأول أقوى وعبرة الكتاب له أوفق. قيل: إن المصنف اعتد في نقل متن الحديث على الزمخشري وإلا فالحديث في رواية الترمذي والنسائي هكذا: «فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة» ولا يخفى أن صحة إحدى الروايتين لا تنافي صحة الأخرى.
قوله: (ومنه) أي من قبيل إطلاق الريب الذي هو في الأصل مصدر بمعنى تحصيل القلق وإفادة الاضطراب على ما سيكون سببا له مثل إطلاقه على الشك على طريق إطلاق لفظ المصدر وإيقاعه موقع اسم الفاعل كما في قوله تعالى: لا ريب فيه فإن الريب في الأصل مصدر بمعنى قلق النفس واضطرابها وأريد به الشك الذي يورث ذلك الاضطراب ويكون سببا له. قوله: (ريب الزمان لنوائبه) أي مصائبه التي تقلق النفس وتزيل طمأنينتها واستقرارها، فإن الريب فيه مصدر في الأصل بمعنى اضطراب النفس وأريد به المصائب التي هي سبب الاضطراب.
قوله: (يهديهم إلى الحق) إشارة إلى أن الهدى بمعنى الهادي والمرشد إلى طريق مستقيم وإن كان في الأصل مصدرا كالسرى وهو السير في الليل يقال: سريت سرى وأسريت إسراء إذا سرت ليلا، فالسرى والإسراء بمعنى والثاني لغة أهل الحجاز. قوله: (ومعناه الدلالة) أطلق الدلالة للإشارة إلى أن الهدى والهداية في اللغة عبارتان عن الدلالة المجردة سواء كان المدلول عليه خيرا أو شرا كما في قوله تعالى: وهديناه النجدين [البلد: 10] وقوله: إنا هديناه السبيل [الإنسان: 3] ويحتمل أن تكون لام التعريف في الدلالة للعهد الخارجي والمعهود ما مر في سورة الفاتحة من أن الهداية دلالة بلطف وكون الدلالة ملتبسة باللطف إنما يكون بكون المدلول عليه خيرا نافعا فيكون معناه مجرد الدلالة على بغية المدلول ومطلوبه من غير أن يعتبر في مفهومه الوصول إلى المطلوب. وقيل: معناه الدلالة الموصلة إلى البغية أي الدلالة على المطلوب بحيث تستلزم حصول المطلوب فيكون الوصول إلى المطلوب معتبرا في مفهومه. واستدل عليه بوجهين: الأول أن الهدى مقابل للضلال لقوله تعالى: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى [البقرة: 175] وقوله: وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين [سبإ: 24] ولا شك أن الخيبة وعدم الوصول إلى المطلوب معتبر في مفهوم الضلال فلو لم يعتبر الوصول إليه في مفهوم الهدى لم يصح التقابل لجواز اجتماعهما في الدلالة الغير الموصلة، والثاني أن الهدى يستعمل في مقام
Page 154