Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
والعامل فيه الظرف الواقع صفة للمنفي. والريب في الأصل مصدر رابني الشيء إذا حصل فيك الريبة، وهي قلق النفس واضطرابها سمي به الشك لأنه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة.
للمنفي، والثاني أن المناسب لمقام المدح العموم لا الخصوص، والثالث أن فيه بعض نبوة عن وصل «الذين» «بالمتقين» إذ المعنى لا شك في حقية القرآن للمتقين المصدقين بحقيته ولا يخفى ما فيه، والرابع أن النفي بتوجه إلى القيد فيختل المعنى لأن انتفاء الريب عنه ليس بمقيد بشيء بل هو منفي عنه مطلقا. قوله: (إذا حصل فيك الريبة) بتشديد حصل وكسر راء الريبة، وهي وإن اشتهرت في معنى الشك إلا أن معناها الأصلي قلق النفس واضطرابها يعني أن الريب في الأصل مصدر رابني الشيء أقلقني وجعلني مضطربا. فالريب معناه تحصيل القلق وإفادة الاضطراب للنفس إلا أنه عدل عن معناه المصدري واستعمل في هذا الموضع ونظائره في معنى الشك لكونه سببا لقلق النفس واضطرابها على طريق إطلاق اسم المسبب وإرادة السبب، والشك وقوف النفس بين شيئين متقابلين بحيث لا ترجح أحدهما على الآخر فتقع في الاضطراب والحيرة. فقوله: «لأنه» أي الشك «يقلق النفس» إشارة إلى أن استعمال الريب في الشك مجاز من إطلاق اسم المسبب وإرادة السبب واستشهد بالحديث على أن الشك ليس معنى أصليا للريب والريبة بل لهما معنى أصلي غير الشك لأنه لو اتحد معناهما لكان قوله عليه الصلاة والسلام: «فإن الشك ريبة» بمنزلة قولك: «فإن الأسد غضنفر» فإن معنى الحديث والله أعلم. تعليل الأمر بترك ما يقلق النفس ذاهبا إلى ما لا يقلقها كأنه قيل:
أمرتك بترك ما يقلق قلبك لأن قلق قلب المؤمن وعدم استقراره إنما ينشأ من كون الشيء مشكوكا فيه غير حق وثابت في نفسه فتى اضطراب قلبك في حق شيء كان ذلك إمارة كونه مشكوكا فيه أي غير حق في نفسه. وحكم عليه السلام بأن الشك ريبة للمبالغة في سببيته لها فإن الريبة المذكورة في الحديث ليست بمعنى الشك وإن اشتهرت فيه بل المراد بها معناها الحقيقي الأصلي. وكما استشهد بالحديث على أن الريبة غير الشك وإلا لم يكن في الكلام فائدة استشهد بجعل الريبة مقابلة للطمأنينة في الحديث المذكور على أن ذلك المعنى المغاير للشك قلق النفس واضطرابها. وفي الحواشي الشريفية: معنى الحديث دع ما يريبك أي يقلقك ذاهبا إلى ما يطمئن به قلبك فإن كون الشك في نفسه مشكوكا فيه غير صحيح ريبة أي مما تقلق له النفس الزكية وتضطرب معه والصدق كونه صحيحا صادقا طمأنينة أي يطمئن القلب بسببه ويسكن أي إذا وجدت نفسك مضطربة في أمر فدعه وإذا وجدتها مطمئنة فيه فاستمسك به لأن اضطراب قلب المؤمن في شيء علامة كونه باطلا، حلا لأن يشك فيه وطمأنينته فيه علامة كونه حقا وصدقا. وقيل: معنى الحديث دع ما تشك فيه ذاهبا إلى ما تعلمه فإن العمل بالمشكوك فيه يقتضي قلقا وترددا وفي ذلك مشقة بخلاف العمل بالمعلوم
Page 153