Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
وهو مقدم من حيث ذاته ومؤخر باعتبار كونه اسما فلا دور لاختلاف الجهتين. والوجه الأول أقرب إلى التحقيق وأوفق للطائف التنزيل وأسلم من لزوم النقل ووقوع الاشتراك الشيء للشيء تستلزم مغايرته لكل واحد من أجزائه بل تستلزم كونه مغايرا لمجموع الأجزاء ولا شك أن جميع الأجزاء مغاير لكل جزء. قوله: (وهو مقدم من حيث ذاته الخ) جواب عن قوله: «إن كون جزء الشيء اسما له يستلزم الدور المضمر» من حيث إن الجزء مقدم على الكل والكل مقدم على اسمه فلو كان جزء الشيء اسما له لكان مقدما على نفسه بمراتب وهو محال، ودفعه باختلاف الجهة فإن تقدم الجزء على الكل إنما هو بحسب وصف كونه اسما له فلا دور. وفي الحواشي الشريفية أن ذات الجزء مقدم على ذات الكل في الوجود العيني والعلمي وأما ذات الاسم فلا يجب تأخره عن ذات المسمى في شيء منهما بل ربما كان جزءا للمسمى بل قد يكون جزءا للمسمى كما في الفواتح، فيجب تقدمه عليه ذاتا وقد يكون المسمى جزءا منه، كما في أسامي الحروف فيجب تأخره ذاتا. وقد يكون لا هذا ولا ذاك فلا يوصف بالتقدم والتأخر بالقياس إلى مسماه، نعم وصف الإسمية متأخر عن ذات المسمى مطلقا. فإن قيل: وقوعها أجزاء للسور من حيث إنها أسماء لها متأخر فإذا كانت الإسمية متأخرة يلزم تأخر الجزء، قلنا: يلزم من ذلك تأخر وصف الجزيئة عن ذات الكل ولا محذور فيه. قوله: (والوجه الأول) وهو ما تقدم على قوله: «قيل هي أسماء السور» وهي في الحقيقة وجهان لجعل الأسامي المذكورة في أوائل السور فواتح لها: الوجه الأول أن السور افتتحت بهذه الفواتح إيقاظا للمتحدي بالقرآن وتنبيها له على أن القرآن معجز في نفسه مع قطع النظر عن حال مبلغه من حيث إنه مؤلف مما ينظمون منه كلامهم مع أنهم عجزوا عن معارضته وإتيان ما يدانيه، والوجه الثاني يدل على أنه معجز من حيث صدوره من أمي لم يخط ولم يتعلم أسامي الحروف من معلمي البشر فإن النطق بأسامي الحروف مختص بمن خط ودرس، فافتتحت السور بها ليكون أول ما يقرع الأسماع معجزا بنوع من الإعجاز.
إلا أن المصنف جعلهما وجها واحدا حيث قال: «في الوجه الأول» لاشتراكهما في الدلالة على أن المقصود من هذه الفواتح التنبيه على إعجاز المتلو عليهم مع قطع النظر عن كونه معجزا في نفسه أو بالنسبة إلى جريانه على لسان من نطق به من الأمي. واعلم أن صاحب الكشاف ذكر في وجه وقوع الأسماء المذكورة فواتح للسور وجوها ثلاثة: أولها كونها أسماء للسور، وثانيها الإيقاظ وقرع العصا، وثالثها تقديم دلائل الإعجاز. والمصنف ذكر الأخيرين أولا وأخر الوجه الأول عنهما وأورده بقوله: «وقيل» ثم أورد بقوله: «لا يقال» وجوها أربعة مزيفة ثم أورد وجوها أربعة أخرى بصيغة «قيل» فبلغت الوجوه المذكورة أحد عشر وجها فقال «أول» إيقاظا لمن تحدى بالقرآن من سنة الغفلة عن حاله وقال: «ثانيا» وليكون أول ما
Page 140