Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، المسماة: عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوي
مخصوص بالاختياري عنده وتركه اعتمادًا على الأمثلة، والجميل الفعل وهو ما يكون بالاختيار، وقد نوقش بأنّ الأدباء يجوّزون التعريف بالأعم، والنقيض في كلامه بمعناه اللغويّ، ويجوز أن يكون شيء واحد نقيضًا لشيئين بينهما عموم وخصوص بهذا المعنى، وهذا مراد القاضي ﵀ بقوله الذم نقيض المدح مع أنه أخص من المدح عنده فئهون الذمّ نقيضًا لهما لا يدل على إتحادهما إلا أنها مع سوق كلام الكشاف قرينة ظنية على الترادف كافية في المطلوب، وقيل على هذا إنّ الواجب أن يحافظ في كل مبحث على ما هو وظيفته فلا يطالب في الظنيات باليقين، ولا يكتفي في اليقينيات بالظن، ومثل هذا المقام من الظنيات، والظاهر الغالب من التعريف بيان أصل المفهوم والتعريف بالأعئم، دمان كان جائزًا لكنه نادر بالنسبة لغيره، فالمطلق لا ينصرف إلا لبيان تمام المفهوم والنقيض وإن كان بالمعنى اللغويّ بمعنى المقابل الذي لا يجتمع مع الشيء فالظاهر عدم كون شيء مقابلاَ للأمرين ولولا هذا لأمكن أن يكون مراد الزمخشريّ بالأخوين المتشابهين فإن الأخوّة شاعت في المشابهة كما في الفائق أيضًا، وما ذكر من مقابلة المدح بالذمّ لا يعارضه قول أبي تمام:
كريم متى أمدحه أمدحه والورى ~ معي ومتى ما لمته لمته وحدي
فإنه مدخول وعدل عن مقابلته به إشارة إلى أنه لا يمكن ذمه، فإن قلت كيف ينكر المدح
على غير الاختياري، وقد قال البحتري في مدح شفيع، وهو ممن يستشهد بكلامه في المعاني: حاز شكري وللرياح اللواتي ~ تحلب الغيث مثل مدح الغيوم
وقال آخر:
أرح المسك مدحة الغزلان
ومثله أكثر من أن يحصى، فكيف يسمع ما قيل من أنّ مثال اللؤلؤة مصنوع.
(قلت) وروده في كلام الموثوق به لا يمكن إنكاره، فمن أنكره يقول إنه وأمثاله من قبيل التمثيل والتنزيل، نعم هو مخالف لما قاله علماء البلاغة، فقد قال الآمديّ في الموازنة وناهيك به ما نصه: جمال الوجه وحسنه مما يتمدح به لأنه يتيمن به، ويدل على الخصال الممدوحة، والدمامة يذمّ بها لعكس ذلك، وقد غلط فيه من ظن أنه لا ينبغي أن يذكر في مدح العظماء
انتهى. مع أنه يقتضي أنه لم ينكر مطلقا وإنما أنكر مدح عظماء الرجال به دون النساء ونحوهن فتفطن له، وانما مرّض المصنف ﵀ قول الزمخشري إنهما أخوان لجزمه بأنه أراد الترادف كما ذهب إليه السيد السند. قوله: (والشكر الخ) الواقع في النسخ عطف العمل وقرينه بالواو، وهو المرويّ عن المصنف ﵀ في الحواشي، وقيل إنه وقع في بعضها أو بدل الواو، وهما بمعنى لأنّ الواو بمعنى أو هنا كما يدل عليه قوله بعده أعمّ إذ المعنى أنّ الشكر كل ما أنبأ عن تعظيمه سواء كان ثناء باللسان وخضوعًا بالأركان أو محبة واعتقادا بالجنان وقولًا منصوب بنزع الخافض أي بالقول، وما قيل من أنه كان الظاهر أن يقول المصنف مقابلة القول، والعمل والاعتقاد بالنعمة إذ يقال قابلت كتابي بكتابه لا وجه له، وما مثل به ليس من كلام العرب الموثوق بهم بل من استعمال المولدين والمفاعلة تنسب لكل من الطرفين على حدّ سواء، ولو سلم ما ذكره فلك أن تقول إضافنه للنعمة لأدنى ملابسة.
وقولا مفعوله وأصله مقابلة القول بالنعمة ويجوز أن يكون تمييزًا أو خبر كان مقدرة، والتقدير سواء كانت قولًا الخ ثم إنه قال: المراد بالقول، وأخويه الحاصل بالمصدر فيوأفق ما قيل إنه فعل ينبىء عن تعظيم المنعم سواء كان عملًا أو لا، فإن المراد بالقول والعمل فيه المعنى المصدري وأمّا الاعتقاد فجعله شكرا على التسامح والمراد تحصيله ويصدق على المعنى المصدريّ أنه مقابلة النعمة بالمعنى الحاصل بالمصدر، والواو بمعنى أو لما مرّ ولأنه لا يقال لأجزاء الشيء شعبه بل لأقسامه ومعنى مقابلة النعمة الخ أنه يثنى على المنعم بلسانه ويدأب في الطاعة له ويعتقد أنه وليّ النعمة، وقيل لا يكفي الاعتقاد بل لا بد من انبعاث محبته وتعظيمه له في القلب انتهى. وقيل عليه أنّ صيغة المصدر تطلق حقيقة على كون الذات بحيث صدر عنها الحدث، وبهذا الاعتبار يسمى المبنيّ للفاعل، وعلى كونها بحيث وقع عليها، وبهذا الاعتبار يسمى المبنيّ للمفعول، وعلى نفس ذلك الحدث الصادر عنها، وبهذا الاعتبار
1 / 75