Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، المسماة: عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوي
تلك الصفات كما أشار إليه المصثف ﵀، فهذا أتم فائدة، وأطلق الإضافة ليشمل القراءتين وقيل الأوّل علة لكونه مالكًا، وهذا لكونه ملكا كقوله تعالى: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ﴾ [الفرقان: ٢٦]
واليوم معروف كما مرّ واطلاقه هنا على التشبيه لأنه زمان له مبدأ ومنتهى كما قال تعالى، وإن
يومًا عند ربك كألف سنة، وقيل خص لإفادة ملكه لجميع الأمور لدلالة تملك الزمان والمكان على تملك ما فيه كما مرّ وهو يرجح كون الإضافة لامية لا على معنى في لأنّ كونه مالكا في يوم الدين لا يقتضي العموم كما قاله قدس سرّه. قوله: (وإجراء هذه الأوصاف إلخ) الإجراء هنا مستعار من إجراء الماء إلى ما يستقى به أو من إجراء الوظيفة على من يأخذها بمعنى إيصالها إليه من غير انقطاع، وهو حقيقة عرفية، وإن استعير من الأوّل لجعله صفة تابعة لموصوفها وصار هذا حقيقة عند المصنفين أيضًا، وهذا ملخص ما في الكشاف كما بئنه شراحه.
وقوله من كونه ربا هكذا هو في أكثر النسخ من كونه ربًا للعالمين موجدًا لهم، وفي نسخة موجدا للعالمين ربًا لهم وفي أخرى ربا موجدًا للعالمين ربا لهم، وهذه أقلها ولا معول عليها والكل متقاربة ولا خفاء فيه، والتربية دالة على الإيجاد تضمنًا أو التزاما فتقديم كونه موجدًا رعاية للترتيب في الوجود وتأخيره لتقدم ما يدل عليه رتبة، وقيل إنه لما كانت تربيته للعالمين أنه رقاهم في مدارج الكما اط فإفاضة الوجود واعداد أسباب الكمالات وكان الإيجاد مبدأ التربية جعله كأنه خارج عنها، والأحسن ما قيل من أنّ قوله موجدا وما بعده تفصيل لربوبيته، وقوله ربًايهم تعميم بعد تخصيص لمزيد الاهتمام لأنّ الكمال الأوّل الذي هو أساس جميع الكمالات لا ينبغي إخراجه من مفهوم الربوبية مع أنّ ربوبيته لهم بإضافة سائر الكمالات لا تستلزم كونه موجدًا لهم، ولا حاجة إلى أن يقال إنه مبنيّ على كون الرب بمعنى المالك وموجدًا، وربا خبرًا كون، أو أحدهما خبر والآخر حال. قوله: (منعمًا عليهم إلخ) هذا تفصيل لمعنى الرحمن الرحيم فقوله: بالنعم كلي من فحوى كونه المعطي للجلائل والدقائق، فإنه عبارة عن العموم والشمول كما مرّ، وفصل عمومه وفسره بقوله ظاهرها وباطنها. وقوله:) عاجلها وآجلها) من كونه رحمن الدنيا والآخرة، فلا وجه لما قيل من أنّ ما ذكر فهم من قرينة ذكرهما في مقام المدح وانّ الأنسب ذكر جليلها وحقيرها بدل قوله ظاهرها وباطنها، فإنه مذكور في تفسير الرحمن الرحيم، وقد تبع الزمخشريّ في الظاهر والباطن، وزاد عليه العاجل والآجل تفسيرًا لهما، فإن النعم الدنيوية ظاهرة والأخروبة باطنة، ومما هو مشهور معروف أنّ الدنيا ظاهر والآخرة باطن قال تعالى: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [صورة الروم: ٧] ولم يعد لفظ من كونه كما في الكشاف لأنّ المجموع عنده وجه واحد وإعادته تشعر بالاستقلال وقال قدس سرّه: إنّ الوصف الأوّل متعقق بالإبداء والثاني والثالث بالبقاء والرابع بالإعادة وهو ثماأ هر، وليس مبنيًا على أنه فسر الرت بالمالك كما توهم. قوله:) مالكًا إلخ) الثواب والعقاب من الدين كما مرّ، وهو تفسير له على القراءتين لأنّ كلًا منهما يؤدّي مؤدّى الآخر إذ لا منافاة بينهما ألا ترى قوله تعالى: ﴿مَالِكَ الْمُلْكِ﴾ [آل
عمران: ٢٦] فليس على إحدى القراءتين كما توهم حتى يقال إنّ المناسب لما اختاره أن يقول ملكًا الأ أنه اختاره لكون أصل التفسير عليه وقوله للدلالة خبر قوله إجراء. قوله: (للدلالة على أنه الحقيق إلخ) في الكشاف، وهذه الأوصاف التي أجريت على الله سبحانه بعد الدلالة على اختصاص الحمد به، وأنه به حقيق في قوله الحمد لله دليل على أنّ من كانت هذه صفاته لم يكن أحد أحق منه بالحمد والثناء عليه بما هو أهله انتهى.
فقال الفاضل الليثيّ ﵀ إنّ قول المصئف ﵀ للدلالة إن كان مصدر الدليل بمعنى الحجة وافق ما في الكشاف، والًا وهو الظاهر خالفه لأنّ إفادة الحمد لله الحصر محل خفاء واشتباه، فإنّ المقيد للحصر إمّ اللام الجنسية أو اللام الجارّة وارادة الجنس من حيث هو لا تفيد الحصر في مثل المنطلق زيد وفي مثل الحمد لله إفادته الحصر تتوقف على استلزام استحقاقه تعالى حمدًا باعتبار عدم استحقاق غيره له باعتبار آخر وهو محل نظر على أنّ المختار حمل الحمد على الجنس من حيث هو، وأمّا اللام الجارّة ففي مواضع من الكشاف ما يدل على إفادتها الحصر دلالة واضحة وبه صرّح المحقق السعد والسيد السند، وقالا لام الاختصاص
1 / 104