Hashiya Cala Sharh Jamc Jawamic
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
Genres
الشارح: «ولا يشترط مناسبة اللفظ للمعنى» في وضعه له، فإن الموضوع للضدين، كالجون للأسود وللأبيض لا يناسبهما، «خلافا لعباد» الصيمري «حيث أثبتها» بين كل لفظ ومعناه، قال: وإلا فلم اختص به. «فقيل: بمعنى أنها حاملة على الوضع» على وفقها، فيحتاج إليه، «وقيل: بل» بمعنى أنها «كافية في دلالة اللفظ على المعنى»، فلا يحتاج الوضع بدرك ذلك من خصه الله به، كما في القافة، ويعرفه غيره منه. قال القرافي: «حكي أن بعضهم كان يدعى أنه يعلم المسميات من الأسماء، فقيل له: ما مسمى آذغاغ؟ وهو من لغة البربر، فقال: أجد فيه يبسا شديدا، وأراه اسم الحجر، وهو كذلك». قال الأصفهاني: والثاني هو الصحيح عن عباد.
المحشي: قوله: «خلافا لعباد» هو أبو سهل بن سليمان الصيمري، بفتح الميم أشهر من ضمها، نسبة إلى صيمر، قرية آخر عراق العجم، وأول عراق العرب، وهو من معتزلة البصرة.
قوله: «وإلا فلم اختص به» أي فلا بد له من مخصص، وإلا لزم التخصيص بلا مخصص، والمخصص هنا المناسبة. وأجيب: بأن المخصص لا ينحصر في المناسبة، إذ إرادة الواضع المختار تصلح مخصصا، من غير انضمام داعية إليها، سواء كان الواضع هو الله تعالى، كإرادته تخصيص حدوث الحادث بوقت، فإنها مخصصة لحدوثه بذلك الوقت، مع استواء نسبته إلى جميع الأوقات لإمكانه، أم البشر، كإرادتهم تخصيص الأعلام بالأشخاص.
صاحب المتن: واللفظ: موضوع للمعنى الخارجي لا الذهني، خلافا للإمام.
الشارح: «واللفظ» الدال على معنى ذهني خارجي: أي له وجود في الذهن بالإدراك، ووجود في الخارج بالتحقق كالإنسان، بخلاف المعدوم، فلا وجود له في الخارج كبحر زئبق، «موضوع للمعنى الخارجي لا الذهني خلافا للإمام» الرازي.
المحشي: قوله: «على معنى ذهني خارجي» إلخ: فيه تنبيه على أن معنى اللفظ: شيء واحد له جهتان: جهة إدراكه بالذهن، وجهة تحققه في الخارج.
والوضع له هل هو باعتبار الجهة الأولى، أو الثانية، أو لا باعتبار شيء منهما كما قرره؟ قوله: «موضوع للمعنى الخارجي لا الذهني خلافا للإمام» إلى آخره، الأول هو قول الجمهور، لكن الأوجه قول الإمام.
الشارح: في قوله بالثاني، قال: لأنا إذا رأينا جسما من بعيد، وظنناه صخرة، سميناه بهذا الاسم، فإذا دنونا منه وعرفنا أنه حيوان، لكن ظنناه طيرا، سميناه به، فإذا ازداد القرب، وعرفنا أنه إنسان سميناه به، فاختلف الاسم، لاختلاف المعنى الذهني، وذلك يدل على أن الوضع له. وأجيب: بأن اختلاف الاسم، لاختلاف المعنى في الذهن، لظن أنه في الخارج كذلك، لا لمجرد اختلافه في الذهن، فالموضوع له ما في الخارج، والتعبير عنه تابع، لإدراك الذهن له حسبما أدركه.
المحشي: لأن المصنف صرح فيما يأتي: بأن محل الخلاف في الاسم النكرة، وقد ذكر محققوأئمة العربية: أن الاسم النكرة موضوع لفرد شائع من الحقيقة، وهو كلي لا يوجد مستقلا إلا في الذهن، إذ كل موجود خارجي جزئي حقيقي، ولا ريب أن الإنسان مثلا، موضوع للحيوان الناطق، وأن دلالته عليهما مطابقة، وهي مفسرة بدلالة اللفظ على تمام ما وضع له، وأن مجموعهما صورة ذهنية، والخارج إنما هو الأفراد من زيد، وعمرو، وبكر وغيرهم، وإن كانت الصورة.
منطبقة عليها، فالموضوع له المعنى الذهني وفاقا للإمام والبيضاوي، لا الخارجي، ولا المعنى من حيث هو، مع أنه قد لا يوجد إلا في الذهن كالعلم. وهذه المسألة قد أهملها الآمدي وابن الحاجب.
قوله: «وأجيب» إلى آخره، أي أجيب بأن اختلاف الاسم التابع لاختلاف المعنى في الذهن ، إنما هو لظن أن المعنى في الخارج كما هو في الذهن. فقوله: «لاختلاف المعنى» تعليل لاختلاف الاسم، أو الصفة له، أو حال. وقوله «لظن» إلى آخره، خبر «أن»، ويرد الجواب المذكور: بأنه لا يلزم من كون الاختلاف لظن ما ذكر، أن يكون اللفظ موضوعا للمعنى الخارجي.
صاحب المتن: وقال الشيخ الإمام: للمعنى من حيث هو.
Page 99