Hashiya Cala Sharh Jamc Jawamic
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
Genres
صاحب المتن: مسألة: المقدور الذي لا يتم الواجب المطلق إلا به واجب، وفاقا للأكثر، الشارح: «مسألة»: الفعل «المقدور» للمكلف «الذي لا يتم» - أي يوجد - «الواجب المطلق إلا به واجب» بوجوب الواجب، سببا كان أو شرطا، «وفاقا للأكثر» من العلماء، إذ لو لم يجب لجاز ترك الواجب المتوقف عليه. وقيل: لا يجب بوجوب الواجب مطلقا لأن الدال على الواجب ساكت عنه،
المحشي: «مسألة: المقدور، الذي لا يتم الواجب المطلق إلا به، واجب». قوله: «أي يوجد» أي عند المكلف.
قوله: «إذ لو لم يجب لجاز ترك الواجب» إلى آخره أي لو لم يجب لجاز تركه، ولو جاز تركه لجاز ترك الواجب المتوقف عليه، وهو باطل، لأن جواز ترك الواجب يقتضي أنه غير واجب، وقد فرض واجبا هذا خلف.
صاحب المتن: وثالثها إن كان سببا كالنار للإحراق. وقال إمام الحرمين: إن كان شرطا شرعيا، لا عقليا أو عاديا.
الشارح: «وثالثها:» أي الأقوال يجب «إن كان سببا كالنار للإحراق»، أي كإمساس النار لمحل، فإنه سبب لإحراقه عادة بخلاف الشرط -كالوضوء للصلاة- فلا يجب بوجوب مشروطه.
والفرق أن السبب لاستناد المسبب إليه، أشد ارتباطا به من الشرط بالمشروط.
«وقال إمام الحرمين:» يجب «إن كان شرطا شرعيا» كالوضوء للصلاة، «لا عقليا» كترك ضد الواجب، «أو عاديا» كغسل جزء من الرأس لغسل الوجه، فلا يجب بوجوب مشروطه، إذ لا وجود لمشروطه عقلا أو عادة بدونه، فلا يقصده الشارع بالطلب، بخلاف الشرعي فإنه لو لا اعتبار الشرع له لوجد مشروطه بدونه.
المحشي: قوله: «بخلاف الشرط كالوضوء للصلاة» أي فيما إذا علم أنه شرط لها، ثم ورد الأمر بها مطلقا. قوله: «والفرق أن السبب لاستناد المسبب إليه، أشد ارتباطا به من الشرط بالمشروط» أي لأنه يلزم من وجوده وجود المسبب، بخلاف الشرط مع المشروط.
الشارح: وسكت الإمام عن السبب، وهو لاستناد المسبب إليه في الوجود كالذي نفاه، فلا يقصده الشارع بالطلب، فلا يجب كما أفصح به ابن الحاجب في مختصره الكبير مختارا لقول الإمام.
وقول المصنف في دفعه: «السبب أولى بالوجوب من الشرعي» ممنوع، يؤيد المنع أن السبب ينقسم كالشرط: إلى شرعي، كصيغة الإعتاق له، وعقلي، كالنظر للعلم عند الإمام الرازي وغيره، وعادي، كحز الرقبة للقتل،
المحشي: قوله: «يؤيد المنع أن السبب ينقسم كالشرط» إلى آخره، وجه التأييد أن السبب إذا كان ينقسم كالشرط: إلى شرعي وعقلي وعادي، فالسبب العقلي والعادي، كالشرط العقلي والعادي، بل أولى، فلا يطلق القول بأن السبب أولى بالوجوب من الشرط الشرعي، على أنه لا يخفى أن السبب الشرعي -لشدة ارتباطه بمسببه - كالشرط العقلي والعادي أيضا، لا كالشرط الشرعي.
وقوله: «كالنظر للعلم عند الإمام الرازي وغيره» أي بناء على ما قالوا به من: أن حصول العلم عقب صحيح النظر عقلي لا عادي - كما مر.
الشارح: نعم قال بعضهم: القصد بطلب المسببات الأسباب، لأنها التي في وسع المكلف. واحترزوا بالمطلق عن المقيد: وجوبه بما يتوقف عليه، كالزكاة وجوبها متوقف على ملك النصاب، فلا يجب تحصيله، وبالمقدور عن غيره قال الآمدي: كحضور العدد في الجمعة، فإنه غير مقدور لآحاد المكلفين، أي ويتوقف عليه وجود الجمعة، كما يتوقف وجوبها على وجود العدد.
المحشي: قوله: «نعم قال بعضهم» إلى آخره يعني كالسعد التفتازاني، وحاصله أنه استدراك مؤيد لدفع المصنف المذكور. قوله: «واحترزوا بالمطلق» المراد بالمطلق ما لا يكون مقيدا بما يتوقف عليه وجوده، وإن كان مقيدا بغيره كقوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس) الإسراء: 78، فإن وجوب الصلاة مقيد بالدلوك، لا بالوضوء والتوجه للقبلة، ونحوهما.
Page 61