Hashiya Cala Sharh Jamc Jawamic
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
Genres
المحشي: قوله:» فتناول الاقتضاء أي الطلب «فاعل تناول» الاقتضاء «، ومفعوله» الجازم وغير الجازم «، وما ذكره من تناول لغير الجازم، صحيح بالنظر إليه من حيث هو، كما هو المصدر به حد الأمر النفسي، الذي الكلام فيه، أما بالنظر إليه من حيث حصوله بصيغة افعل كما هو المراعى في حد الأمر اللفظي، فلا يصح إلا على القول بأن صيغة «افعل» تتناول غير الجازم حقيقة كالجازم، وهو ضعيف كما سيأتي.
المحشي: فإن قلت: يرد على الحد نحو: لا تترك كذا، إذ يصدق عليه أنه طلب فعل هو المنهي عن تركه، وهو غير كف مدلول عليه بغير كف مع أنه نهى، قلت: لا نسلم أنه يصدق عليه ذلك، لأن المتبادر من طلب الشيء، طلبه أولا وبالذات، أي قصدا، والفعل فيما ذكر ليس كذلك، بل المطلوب فيه قصدا إنما هو الكف عن ترك الفعل، وهو كف مدلول عليه بغير لفظ كف، وإن لزم منه طلب الفعل ثانيا، وبالعرض سواء قلنا النهي عن الشيء أمر بضده أم يتضمنه. قوله:» ويحد النفسي أيضا بالقول «أي القول النفسي، كما نبه عليه عقبه. قوله:» وكل من القول والأمر مشترك «الخ، نبه به على أن ما اقتضاه كلام المصنف هنا، من أن الأمر حقيقة في اللفظي والنفسي، مخالف لما اختاره في مبحث الأخبار، من أن الكلام المنوع إلى الأمر وغيره، حقيقة في النفسي، مجاز في اللفظي.
هل يشترط في الأمر العلو والاستعلاء؟
صاحب المتن: ولا يعتبر فيه علو، ولا استعلاء، وقيل: يعتبران. واعتبرت المعتزلة، وأبوإسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، والسمعاني: العلو. وأبوالحسين، والإمام، والآمدي، وابن الحاجب: الاستعلاء. واعتبر أبو علي وابنه:
الشارح:» ولايعتبر فيه «: أي في مسمى الأمر- نفسيا أو لفظيا- حتى يعتبر في حده أيضا» علو «، بأن يكون الطالب عالي الرتبة على المطلوب منه،» ولا استعلاء «، بأن يكون الطلب بعظمة، لاطلاق الأمر دونهما. قال عمرو بن العاص لمعاوية:
أمرتك أمرا جازما فعصيتني
وكان من التوفيق قتل ابن هاشم
هو رجل من بني هاشم، خرج من العراق على معاوية فأمسكه، فأشار عليه عمرو بقتله، فخالفه وأطلقه لحلمه، فخرج عليه مرة أخرى، فأنشده عمرو البيت، فلم يرد بابن هاشم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. ويقال: أمر فلان فلانا برفق ولين.» وقيل: يعتبران «، وإطلاق الأمر دونهما مجازي.» واعتبرت المعتزلة «- غير أبي الحسين -» وأبو إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، والسمعاني: العلو.
وأبو الحسين «-من المعتزلة-» والإمام «الرازي، وابن الحاجب: الاستعلاء «، ومن هؤلاء من حد اللفظي كالمعتزلة، فإنهم ينكرون الكلام النفسي، ومنهم من حد النفسي كالآمدي.
» واعتبر أبو علي وابنه «أبو هاشم من المعتزلة زيادة على العلو.
صاحب المتن: إرادة الدلالة باللفظ على الطلب، والطلب بديهي، والأمر غير الإرادة، خلافا للمعتزلة.
الشارح:» إرادة الدلالة باللفظ على الطلب «، فإذا لم يرد به ذلك لا يكون أمرا، لأنه يستعمل في غير الطلب كالتهديد، ولا مميز سوى الإرادة. قلنا: استعماله في غير الطلب مجازي، بخلاف الطلب فلا حاجة إلى اعتبار إرادته.
» والطلب بديهي «أي متصور بمجرد التفات النفس إليه، من غير نظر، لأن كل عاقل يفرق بالبديهة بينه وبين غيره كالأخبار، وما ذك إلا لبداهته، فاندفع ما قيل من أن تعريف الأمر بما يشتمل عليه، تعريف بالأخفى، بناء على أنه نظري.
» والأمر «المحدود باقتضاء فعل الخ» غير الإرادة «لذلك الفعل، فإنه تعالى أمر من علم أنه لا يؤمن بالإيمان، ولم يرده منه لامتناعه،» خلافا للمعتزلة «فيما ذكر، فإنهم لما أنكروا الكلام النفسي لم يمكنهم إنكار الاقتضاء المحدود به الأمر، قالوا: إنه الإرادة.
Page 271