202

Hashiya Cala Sharh Jamc Jawamic

حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

Genres

المحشي: قوله «لأن الباعث على الشيء والمعرف له لا يتأخر عنه» أي لأن الباعث لو تأخر لزم وجود الحكم بغير باعث، ولو تأخر المعرف لزم تعريف المعرف، إذ الفرض أن الحكم عرف قبل ثبوت علته، وكل من اللازمين محال، لكن الثاني إنما يتم إذا فسر المعرف بأنه الذي يحصل به التعريف، أما إذا فسر بما من شأنه التعريف فلا يتم قوله: «بناءا على تفسيره بالمعرف» إلا بتفسير «المعرف» بما من شأنه التعريف لا بتفسيره: الذي يحصل به التعريف، إذ سبق إحدى العلتين بالتعريف مانع من حصول التعريف بما بعده، لأنه تحصيل للحاصل، بخلاف تفسير «المعرف» بما من شأنه التعريف، لأن تعريف المتأخر حينئذ للمتقدم جائز، وواقع إذ الحادث يعرف بهذا المعنى القديم كالعالم لوجود الصانع تعالى.

قوله «لأنه مستقذر ... الخ» فيه نظر لأن الاستقذار لا يستلزم النجاسة، ولأن ثبوتها مقارن لثبوتها، كما نبه عليه شيخنا الكمال ابن الهمام، ثم مثل للمتأخر بتعليل ولاية الأب على صغير عرض له جنون بالجنون لأن ولايته قبله ليس بظاهر، ولأن ولاية الجنون ليست عين ولاية الصغير، فليست قبل الجنون، بل بعده، أو مقارنة له.

صاحب المتن: ومنها: أن لا تعود على الأصل بالإبطال،

الشارح: «ومنها أن لا تعود على الأصل» الذي استنبطت منه «بالإبطال» لأنه منشؤها فإبطالها له إبطال لها كتعليل الحنفية وجوب الشاة في الزكاة بدفع حاجة الفقير فإنه مجوز لإخراج قيمة الشاة مفض إلى عدم وجوبها على التعيين بالتغيير بينها وبين قيمتها.

المحشي: قوله «كتعليل الحنفية وجوب الشاة ... الخ» أجيب من طرفهم بأن هذا ليس عودا بالإبطال، إنما يكون عودا به لو أدى إلى رفع الوجوب وليس كذلك، بل هو توسيع للوجوب بناءا على أنه يستنبط من النص معنى يعمه، كما في الحط عن المكاتب مع الإيتاء، ويفرق بأن ما قالوه ليس مثل ذلك لأنه خروج عن الجنس والنوع بالكلية بخلاف الحط مع الإيتاء.

صاحب المتن: وفي عودها بالتخصيص-لا التعميم-قولان

الشارح: «وفي عودها» على الأصل «بالتخصيص» له «لا التعميم قولان» قيل: «يجوز فلا يشترط عدمه»، وقيل: «لا فيشترط»، مثاله: تعليل الحكم في آية: (أو لامستم النساء) النساء: 43، بأن اللمس مظنة الاستمتاع فإنه يخرج من النساء المحارم فلا ينقض لمسهن الوضوء كما هو أظهر قولي الشافعي، والثاني ينقض عملا بالعموم.

وتعليل الحكم في حديث أبي داود وغيره: «أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان» بأنه بيع الربوي بأصله فإنه يقتضي جواز البيع بغير الجنس من مأكول وغيره كما هو أحد قولي الشافعي،

المحشي: قوله «بأن اللمس مظنة الاستمتاع» يعني التلذذ بسبب ثوران الشهوة باللمس.

الشارح: لكن أظهرهما المنع نظرا للعموم ولاختلاف الترجيح في الفروع.

أطلق المصنف القولين وقوله: «لا التعميم» أي فإنه يجوز العود به قولا واحدا كتعليل الحكم في حديث الصحيحين: «لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان» بتشويش الفكر، فإنه يشمل غير الغضب أيضا.

صاحب المتن: وأن لا تكون المستنبطة معارضة بمعارض مناف موجود في الأصل، قيل: «ولا في الفرع»

الشارح: «و» من شروط الإلحاق بالعلة «أن لا تكون المستنبطة» منها «معارضة بمعارض مناف» لمقتضاها «موجود في الأصل» إذ لا عمل لها مع وجوده إلا بمرجح، قال المحشي: «مثاله: قول الحنفي في نفي التبييت في صوم رمضان: صوم عين فيتأدى بالنية قبل الزوال كالنفل، فيعارضه الشافعي فيقول: صوم فرض فيحتاط فيه، ولا يبنى على السهولة».

المحشي: قوله «وأن لا تكون المستنبطة معارضة ... الخ» قيد ب «المستنبطة» لأن المنصوصة أو المجمع عليها، إذا قارنتها الأخرى مثلها كاللمس، والمس في نقض الوضوء، لا تعارض بينهما لأن الشارع جعل كلا منهما علة مستقلة بخلاف مظنونة المجتهد، إذ بظهور أخرى مثلها يجب التوقف كالشهادة إذا عورضت بأخرى يتوقف فيها إلى أن يرجح إحديهما.

Page 204