Hashiya Cala Sahih Bukhari
حاشية السندى على صحيح البخارى
Publisher
دار الجيل - بيروت
Publisher Location
بدون طبعة
Genres
Hadith
هَذَا بَيَانُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ عَلَيْهِ أَيِ اللَّائِقُ بِحَالِهِ أَنْ يَكُونَ الْخَيْرُ عَادَتَهُ وَالشَّرُّ مَكْرُوهًا لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِلَّا لِلَجَاجَةٍ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ هَاشِمِ بْنِ عَمَّارٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ سَوَاءً فَجَعَلَهُمْ فِي الثَّانِيَةِ الْمَشْهُورَةِ.
٢٢٢ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ جَنَاحٍ أَبُو سَعْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ»
ــ
قَوْلُهُ: (أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ إِلَخْ) وَذَلِكَ أَنَّ غَايَةَ هِمَّةِ الْعَابِدِ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ وَقَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُدْرِكُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي بِخِلَافِ الْفَقِيهِ فَقَدْ يُخَلِّصُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ الْعِبَادَ مِنْ مَكَايِدِ الشَّيْطَانِ.
٢٢٣ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ أَتَيْتُكَ مِنْ الْمَدِينَةِ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ قَالَ لَا قَالَ وَلَا جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ قَالَ لَا قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ»
ــ
قَوْلُهُ (فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْمِيمِ قَوْلُهُ (فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ) بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ وَلَا جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ أَيْ غَيْرُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ مِنَ الْأُمُورِ قَوْلُهُ (فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ هُوَ الْحَدِيثُ الْمَطْلُوبُ لِلرَّجُلِ أَوْ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ تَبْشِيرًا لَهُ وَتَرْغِيبًا فِي مِثْلِ مَا فَعَلَ (سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ) هُوَ إِمَّا كِنَايَةٌ عَنِ التَّوْفِيقِ لِلْخَيْرَاتِ فِي الدُّنْيَا أَوْ عَنْ إِدْخَالِ الْجَنَّةِ بِلَا تَعَبٍ فِي الْآخِرَةِ قَوْلُهُ (وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ إِلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ كَذَا الْجُمْلَةُ بَعْدَهَا قَوْلُهُ (لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُشَاهَدْ أَيْ لَمْ تَضَعْهَا لِتَكُونَ وِطَاءً لَهُ إِذَا مَشَى أَوْ تَكُفُّ أَجْنِحَتَهَا عَنِ الطَّيَرَانِ وَتَنْزِلُ لِسَمَاعِ الْعِلْمِ وَأَنْ يَكُونَ مَجَازًا عَنِ التَّوَاضُعِ تَعْظِيمًا لِحَقِّهِ وَمَحَبَّةٍ لِلْعِلْمِ قَوْلُهُ (رِضًا) مَفْعُولٌ لَهُ وَلَيْسَ فِعْلًا لِفَاعِلٍ مُقَدَّرٍ فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ إِرَادَةَ رِضًى قَوْلُهُ (يَسْتَغْفِرُ لَهُ) إِذَا لَحِقَهُ ذَنْبٌ وَمُجَازَاةً عَلَى حُسْنِ صَنِيعِهِ بِإِلْهَامٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ نَفْعِ الْعِلْمِ فَإِنَّ مَصَالِحَ كُلِّ شَيْءٍ وَمَنَافِعَهُ مَنُوطَةٌ بِهِ وَالْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ جَمْعُ حُوتٍ وَفِي
1 / 97