لَا الْإِعْلَامُ بِذَلِكَ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَصْلِ فِي الْقَصْدِ بِالْخَبَرِ مِنْ الْإِعْلَامِ بِمَضْمُونِهِ إلَى مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ بِجَمِيعِ الصِّفَاتِ بِرِعَايَةِ الْأَبْلَغِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
ــ
[حاشية العطار]
هِيَ وَحْدَهَا مُفِيدَةٌ لَهُ فَنَقُولُ كُلَّمَا كَانَ لَامُ الْمُلْكِ كَافِيًا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ فَالْبِنَاءُ عَلَى دَلَالَةِ مَجْمُوعِ اللَّامَيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ لَكِنْ الْمُقَدَّمُ حَقٌّ فَكَذَا التَّالِي.
وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَامَ الْمُلْكِ يَدُلُّ مَعْنَاهُ بِمُجَرَّدِ انْضِمَامِهِ إلَى مَجْرُورٍ فَمَعْنَاهُ اخْتِصَاصُ شَيْءٍ بِمَجْرُورِهِ لِاخْتِصَاصِ حَمْدٍ مُعَيَّنٍ بِكَوْنِ كُلِّ حَمْدٍ أَوْ جِنْسِ الْحَمْدِ أَوْ الْحَمْدِ الْمَعْهُودِ بِمَجْرُورِهِ فَإِنَّ تِلْكَ الدَّلَالَةَ إنَّمَا هِيَ مَجْمُوعُ اللَّامَيْنِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ لَا خُصُوصِيَّةَ لِتَقْيِيدِ إفَادَةِ لَامِ الْمُلْكِ الِاخْتِصَاصَ بِانْضِمَامِ " أَلْ " الْجِنْسِيَّةِ بَلْ يَجْرِي هَذَا فِي الِاسْتِغْرَاقِ وَالْعَهْدِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِفَادَةَ الْمَذْكُورَةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى ضَمِيمَةِ اللَّامِ عَلَى سَائِرِ احْتِمَالَاتِهَا فَالْقَصْرُ قُصُورٌ لَا يُقَالُ اخْتِصَاصُ شَيْءٍ مَا بِمَجْرُورِهِ مَعْنًى كُلِّيٌّ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَعْنَى الْحَرْفِ جُزْئِيٌّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مُرَادُهُمْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْجُزْئِيِّ الْحَقِيقِيِّ وَالْإِضَافِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ قَالَ وَإِلَّا فَالِابْتِدَاءُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِنَا سِرْتُ مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الْكُوفَةِ لَيْسَ جُزْئِيًّا حَقِيقِيًّا أَيْضًا إذْ ذَلِكَ الِابْتِدَاءُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا لَا تُحْصَى مِثْلَ الِابْتِدَاءِ رَاجِلًا أَوْ رَاكِبًا أَوْ مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ جَمَاعَةٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ وَكُلُّهَا مِنْ هَذِهِ أَفْرَادٌ يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا ذَلِكَ الِابْتِدَاءُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْحُرُوفِ وَلَا شَكَّ أَنَّ اخْتِصَاصَ شَيْءٍ مَا بِاَللَّهِ تَعَالَى جُزْءٌ إضَافِيٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى اخْتِصَاصِ شَيْءٍ مَا بِشَيْءٍ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْحُرُوفَ مَوْضُوعَةٌ لِمَعَانٍ جُزْئِيَّةٍ حَقِيقِيَّةً فَالدَّلَالَةُ عَلَى الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنْ الْفَهْمِ الْإِجْمَالِيِّ وَالتَّفْصِيلِيِّ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْفَتْحِ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ التَّهْذِيبِ لِلْجَلَالِ الدَّوَانِيِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ لَامَ الْمُلْكِ بِمُجَرَّدِ انْضِمَامِهِ إلَى الْمَجْرُورِ يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنَاهُ وَلَوْ إجْمَالًا فَيَكُونُ دَالًّا عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لَا الْإِعْلَامُ بِذَلِكَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الثَّنَاءُ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ قَوْلُهُ إنَّهُ مَالِكٌ إلَخْ وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ جُمْلَةَ الْحَمْدِ لِلَّهِ إذَا كَانَتْ خَبَرِيَّةً لَا تُفِيدُ الْحَمْدَ وَهُوَ خِلَافُ الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَالِكٌ أَوْ مُخْتَصٌّ بِالْحَمْدِ حَامِدٌ قَالَ بَعْضٌ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمُخْبِرَ بِالْحَمْدِ لَيْسَ بِحَامِدٍ هُوَ الَّذِي أَقُولُ بِهِ اهـ.
وَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ أَنَا إنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُخَالِفِ لِمَا كَادَ يَصِيرُ إجْمَاعًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ جُمْلَةَ الْحَمْدَلَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ اسْمِيَّةً أَوْ فِعْلِيَّةً خَبَرِيَّةً أَوْ إنْشَائِيَّةً مُفِيدَةٌ لِلْحَمْدِ ضِمْنًا وَقَالَ بَعْضٌ آخَرُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِي هَذَا النَّفْيِ إشَارَةً إلَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّارِحِ لَيْسَ إلَّا بَيَانَ مَا يُقْصَدُ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ فِي مَقَامِ الْحَمْدِ مِنْ إنْشَاءِ الثَّنَاءِ بِهَا وَإِنْ حَصَلَ بِهِ الثَّنَاءُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا أَيْضًا فَجَعَلَ الشَّارِحُ تِلْكَ الْجُمْلَةَ إنْشَائِيَّةً لِيُوَافِقَ الْوَاقِعَ مِنْ الْجَامِدِ لَا لِتَوَقُّفِ حُصُولِ الْحَمْدِ عَلَى كَوْنِهَا إنْشَائِيَّةً فَتَأَمَّلْ اهـ.
وَكُلُّ هَذَا بَعِيدٌ عَنْ مَذَاقِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ بَلْ مَقْصُودُ مَا قَالَهُ عُلَمَاءُ الْمَعَانِي مِنْ أَنَّ قَصْدَ الْمُخْبِرِ إمَّا إعْلَامُ الْمُخَاطَبِ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ وَهُوَ الْأَصْلُ أَوْ إعْلَامُهُ بِأَنَّ الْمُخْبِرَ عَالِمٌ بِذَلِكَ الْمَضْمُونِ كَقَوْلِك لِمَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ أَنْتَ تَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَالْأَوَّلُ مُسَمَّى فَائِدَةِ الْخَبَرِ وَالثَّانِي مُسَمَّى لَازِمِهَا إذْ إعْلَامُ الْمُخَاطَبِ بِأَنَّ الْمُخْبِرَ عَالِمٌ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ إعْلَامِهِ بِمَضْمُونِهِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْفَكُّ قَصْدُهُ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُطَوَّلِ عِنْدَ قَوْلِ التَّلْخِيصِ لَا شَكَّ أَنَّ قَصْدَ الْمُخْبِرِ إفَادَةُ الْمُخَاطَبِ إمَّا الْحُكْمَ أَوْ كَوْنَهُ عَالِمًا بِهِ أَيْ مَنْ يَكُونُ بِصَدَدِ الْإِخْبَارِ وَالْإِعْلَامِ لَا مَنْ يَتَلَفَّظُ بِالْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ فَإِنَّ كَثِيرًا مَا تُورَدُ الْجُمْلَةُ الْخَبَرِيَّةُ لِأَغْرَاضٍ أُخَرَ سِوَى إفَادَةِ الْحُكْمِ أَوْ لَازِمِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ امْرَأَةِ عِمْرَانَ ﴿رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى﴾ [آل عمران: ٣٦] إظْهَارًا لِلتَّحَسُّرِ وقَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ زَكَرِيَّا ﴿رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي﴾ [مريم: ٤] إظْهَارًا لِلضَّعْفِ وَالتَّخَشُّعِ إلَخْ قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّيَالَكُوتِيُّ وَقَوْلُهُ كَثِيرًا مَا تُورَدُ الْجُمْلَةُ الْخَبَرِيَّةُ أَيْ مُرَادًا بِهَا مَعْنَاهَا وَلَيْسَ إنْشَاءً حَتَّى لَا يَصْلُحَ شَاهِدًا اهـ.
وَقَدْ سَبَقَ لَك أَيْضًا نَحْوُهُ وَحِينَئِذٍ فَمُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا خَبَرِيَّةً تَكُونُ خَارِجَةً عَنْ الْأَصْلِ فِي الْإِخْبَارِ مِنْ الْإِعْلَامِ فَالْمُتَكَلِّمُ بِهَا لَا يُقَالُ لَهُ مُعْلِمٌ بِالْخَبَرِ وَإِنَّمَا لَهُ مُخْبِرٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إلَى مَا قَالَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ عَدَلَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ نَحْمَدُك ثَنَاءً بِجَمِيعِ الصِّفَاتِ حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ فِي تَفْسِيرِهِ أَيْ نَصِفُك بِجَمِيعِ صِفَاتِك وَقَوْلُهُ بِطَرِيقِ الْأَبْلَغِيَّةِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَرِعَايَةُ جَمِيعِهَا أَبْلَغُ فَأَبْلَغُ فِي كَلَامِهِ
1 / 14