308

وتعمد أن يمر أمام مجلس الفتوة بمجلسه في المقهى، فسرعان ما جاء صبي القهوة قائلا: المعلم سمكة يسأل عن الصحة؟

فقال بنبرة عالية: أخبره بأن الصحة طيبة تتحدى الجهلاء.

اقتحم الجواب الفتوة مثل لفحة نار. وسرعان ما اندفع معاونه خرطوشة - الوحيد من رجاله الذي تصادف وجوده معه - وبسرعة خاطفة رفع جلال مقعدا خشبيا وضربه به ضربة صادقة فانطرح على ظهره فاقد الوعى. وأخذ جلال نبوته ووقف ينتظر سمكة العلاج الذي أقبل مثل وحش ضار. وتدفق سيل المتفرجين، وتنادى رجال الفتوة من الأركان. وتبادل الرجلان ضربتين، ولكن حسمت المعركة في ثوان؛ كان جلال قوة خارقة حقا. تهاوى سمكة العلاج مثل ثور ذبيح.

34

وقف جلال بجسمه العملاق في هالة من لهيب التحدي والغضب. وغزا الخوف قلوب الرجال فلم يكن في العصابة من هو جدير بخلافة سمكة إلا خرطوشة المنطرح إلى جانبه. وبعض الرجال ممن يضمرون الحقد للعصابة انهال على أفرادها بالطوب منضمين إلى جلال. وسرعان ما تقررت السيادة لمن يستحقها.

هكذا وثب جلال عبد ربه ابن زهيرة إلى الفتونة بكل جدارة، وهكذا رجعت الفتونة إلى آل الناجي.

35

قال له أبوه ووجهه يومض بالفرح: ما تصورت أن تكون فتوة رغم قوتك الهائلة.

فقال جلال باسما: وما تصورت ذلك ولا جرى لي في بال.

فقال عبد ربه بفخار: كنت مثلك في القوة، ولكن الفتونة قلب وطموح! - صدقت يا أبي. كنت أعد نفسي للوجاهة، ثم جاءني ذلك في جوف خاطر مباغت.

Unknown page