وكان عبد ربه الفران يسكر في البوظة ورياح أمشير تزمجر في الخارج. وإذا به يقول: حلمت أمس حلما عجيبا.
ولما لم يسأله أحد عما رأى واصل حديثه: رأيت الخماسين تهب في غير أوانها.
فقال الخمار سنقر الشمام ضاحكا: حلم من صنع الشيطان. - اقتلعت الأبواب، أمطرت التراب، طيرت عربات اليد، أطاحت بالعمم واللاثات. - وماذا صنعت بك أنت؟ - تركتني أرقص فوق جواد أصيل.
فقال له سنقر: أحكم الغطاء فوق دبرك قبل النوم!
43
شعر محمد أنور بالخوف يزحف نحوه. أشباح الأخطار تتراقص في أركان دنياه الضيقة. هل يحيق به مصير مثل الذي حاق بعبد ربه الفران؟ وجعل يختلس النظرات من وجه زهيرة ويستجمع همته. قال لها: إنك حبلى يا زهيرة في الشهر الرابع فيحسن بك أن تستقري في بيتك. فقالت باستهانة: لم أشعر بالعجز بعد!
فراح يداعب جلال بحنو ليخفف من وقع كلامه وقال: لقد تحديت قوة لا يستهان بها، فمن الحكمة أن ننطوي على أنفسنا.
فقالت ببرود: كأنك خائف!
فقال مداريا استياءه: بل أرغب في توفير السعادة لبيتنا! - إني أمارس حرية مشروعة.
فقال بوضوح أكثر: الحق أني غير مرتاح لذلك.
Unknown page