Haqiqat al-Ta’wil - Part of 'Athar al-Mu’allimi'

Abd al-Rahman al-Mu'allimi al-Yamani d. 1386 AH
14

Haqiqat al-Ta’wil - Part of 'Athar al-Mu’allimi'

حقيقة التأويل - ضمن «آثار المعلمي»

Investigator

عدنان بن صفا خان البخاري

Publisher

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٤ هـ

Genres

وإن استبعد دعاءك له اعتقد كَذِبَك ومداهَنَتَك له، وطَمِعَ منك في غيرها، وزالت من قلبه هيبَتُه لك في الله، وأوشك أن تنالك منه مضرَّةٌ؛ لسقوطك من عينه، ويجترئ مع ذلك على المظالم، قائلًا: الناس سواسية، هذا الذي يُقَال صالحٌ يكذب ويُدَاهِن الظَّلَمَة! فلو استطاع الظُّلمَ لَظَلَم! وإذا تَنَبَّه لاحتمال كلامك التَّورية لَمْ تأمن أنْ يَحْمِل قولَك: "دعوتُ لك" على "دعوتُ عليك"، يقول: كأنَّه أراد "دعوت لأجلك" أي: دعوت الله تعالى أن يريح الناس من شَرِّكَ، أو نحو ذلك. والحاصل أن الكذب لا يخلو عن المفاسد، ولكن إذا تعيَّن طريقًا لدفع مفسدةٍ عظيمةٍ ــ كالقتل ظلمًا ــ جاز، على قاعدة تعارض المفسدتين. والمنقول من هذا إنَّما هو في التَّورية، كقول إبراهيم لزوجته: هي أختي؛ لعِلْمِه أنه لو قال: زوجتي لقتلوه. وقوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩]؛ لأنَّه أراد أن يتوصَّل إلى تكسير أصنامهم، وفي ذلك دفع مفسدة عظيمة. وقوله: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٦٣]؛ لأنّه أراد أن يتوصَّل بذلك إلى إنقاذهم من الشرك، والشرك أعظم المفاسد، مع أنَّهم إذا خَلَصُوا من الشرك خَلَصَ هو من القتل، وظنِّي أنَّ هذه كلَّها كانت قبل أن يُنَبَّأَ إبراهيمُ ﵇، كما قرَّرْتُه في "رسالة العبادة". وكلٌّ من هذه الثلاث فيها تورية قريبة، والحال التي كان عليها شِبْه قرينة تشكِّك في حَمْل كلامه على ظاهره، فيصير بها الكلام كالمُجْمَل.

6 / 17