Haqaiq Macrifa
حقائق المعرفة
Genres
فصل في الكلام في أن الله حي قادر
اعلم أنا لما رأينا المصورات في الشاهد على ضربين: فمصور حي قادر، ومصور غير حي ولا قادر. ورأينا المصورات غير الحيوان التي ليست بحية ولا قادرة لا تتم ولا تقع إلا من حي قادر، ورأينا الأموات وجميع الجمادات لا فعل لها، فعلمنا أن الله أولى بأن يوصف بالحياة والقدرة من الذي ليس في فعله حياة ولا قدرة، فصح أن الله حي قادر.
ودليل آخر: أنا لما رأينا هذا الصنع دائم التدبير حسن الصورة والتقدير، استدللنا بذلك على حياة اللطيف الخبير.
فإن قيل: فإذا كان الله حيا قادرا، وكان العبد حيا قادرا، فما الفرق بينهما؟
قلنا: إن الله تعالى حي لنفسه قادر لنفسه، والعبد حي بحياة هي غيره، قادر بقدرة هي غيره وهي الاستطاعة. وليس العبد يسمى حيا قادرا إلا على المجاز في بعض الوجوه، وإنما هو محيا ومقدر؛ لأن الله تعالى جعله حيا قادرا، وجعله سميعا بصيرا. ألا ترى أنه خلق له آلة السمع والبصر، قال عز من قائل: {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا}[الإنسان:2]، والله سميع بصير على الحقيقة، حي قادر على الحقيقة.
Page 137