282

ومن تقدير الله للموت بين الناس أنهم يولدون ويموتون على مهل وهون، ولا يكاد يجتمع موت ناس كثير فيشتهر ذلك اشتهارا ظاهرا، وكذلك لا يكاد يجتمع ولادة ناس كثير فيشتهر ذلك اشتهارا ظاهرا كثيرا.

ولا يموت الناس معا كصريم الزرع بل يأخذهم الموت شيئا شيئا على مهل، وكذلك ولادة من يولد منهم، فلا هم باقون ولا هم منقطعون، فمثلهم كمثل قوم يدخلون دارا مفترقين ويخرجون منها مفترقين، والدار هي الدنيا، ومنهم من يقيم فيها كثيرا، ومنهم من يقيم فيها قليلا، فهل هذا إلا بتقدير من الله تعالى.

واعلم أن اعتقاد هذه الفرقة يؤدي إلى جحدان النعمة والبلية، وضياع الشكر والصبر والأجر، وذلك في طفل يختار الله له ما لديه ويخلصه من بلاء الدنيا والآخرة، وينعم عليه، ويبتلي بموته والديه ، فيجهلا ذلك القضا، ويجانبا الصبر عليه والرضا ويبديا السخط منه والشكى، ولا يظنا أنه من الله نعمة على الطفل، وبلية لهما، فإذا كان ذلك كذلك كانا قد جحدا النعمة والبلية، وتركا الشكر والصبر، وضيعا الأجر.

واعلم أن هذه الفرقة تكابر في أشياء من المسائل بغير حجة ولا برهان من كتاب ولا سنة.

Page 355