195

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نفعه العاجل عام لجميع الناس، قال الله تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ...}الآية[الحج:40]، فمن تمام النعمة أن الله أمر بما يستحسنه العقل، وينفع في العاجل، ثم وعد عليه الثواب الآجل، قال الله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}[المائدة:3]، وقد روي عن كميل بن زياد النخعي، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: (يا سبحان الله ما أزهد كثيرا من الناس في الخير، عجبت لرجل يأتيه أخوه المسلم في حاجة فلا يرى نفسه للخير أهلا، فوالله لو كنا لا نرجو جنة ولا ثوابا، ولا نخشى نارا ولا عقابا لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق فإنها تدل على سبيل النجاة)، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: نعم وما هو خير منه: لما أتي بسبايا طي وقعت جارية حميا، حوا، لعسا، لميا، عبطاء، شماء الأنف، معتدلة القامة، درما الكعبين، خدلجة الساقين، لفا الفخذين، خميصة الخصرين، مضمرة الكشحين، فلما رأيتها أعجبت بها، وقلت: لأطلبن إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعلها في فيئي، فلما تكلمت نسيت جمالها لما سمعت من فصاحتها، فقالت: يا محمد إن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي العرب فإني ابنة سراة قومي، كان أبي يفك العاني، ويقوي الضعيف، ويقرئ الضيف، ويشبع الجائع، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، وما رد طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم الطائي. فقال النبيء صلى الله عليه وآله وسلم: ((هذه صفات المؤمن ، لو كان أبوك إسلاميا لترحمنا عليه، خلوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله سبحانه يحب مكارم الأخلاق)). فقام أبو بردة فقال: يا رسول الله، الله يحب مكارم الأخلاق؟ فقال: ((نعم، يا أبا بردة، لا يدخل أحد الجنة إلا بحسن الخلق )). فصح أن الله ما أمر إلا بمكارم الأخلاق.

Page 264