171

ومما يؤيد أن الله لم يضلهم ابتداء، بل أضلوا أنفسهم، وأضلهم بعضهم؛ فحكم الله عليهم باسم الضلال، وجزاهم به عذاب جهنم، قول الله تعالى: {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل ، قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا}[الفرقان:17،18]، فبان أن الله ما أضلهم، ولكن أضلوا أنفسهم، وأضل بعضهم بعضا؛ قال الله تعالى: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، ياويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا}[الفرقان:27-29]، وقال: {فماذا بعد الحق إلا الضلال }[يونس:32]، وقال تعالى حاكيا قول إبراهيم عليه السلام: {قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ، رب إنهن أضللن كثيرا من الناس}[إبراهيم:35،36]، وقال تعالى: {وأضلهم السامري }[طه:85]، وقال: {وأضل فرعون قومه وما هدى }[طه:79]، فبرأ الله نفسه من الإضلال، ونسبه إلى أعدائه.

Page 235