Haqaiq Macrifa
حقائق المعرفة
Genres
فنقول: إن اسم المؤمن منقول من اللغة إلى العرف؛ لأن الإيمان في اللغة هو التصديق، فنقل إلى اسم الدين، فمن اعتقد بقلبه ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقر به بلسانه وعمل به كان مؤمنا، فصار هذا الاسم منقولا إلى العرف. ومثل ذلك: اسم الصلاة كان موضوعا في اللغة للدعاء فنقلت إلى الصلاة المخصوصة، ومن ذلك الغائط، والدابة، وأمثال ذلك. واسم الكفر في اللغة كان موضوعا للتغطية، فنقل إلى من جحد وكذب وكفر؛ وكذلك اسم الفاسق؛ كان في اللغة لخروج الشيء من موضعه، كما يقال للفأرة إذا خرجت من جحرها: فويسقة. وإذا خرجت النواة من الرطبة قيل: فسقت النواة، أي خرجت، فنقل إلى اسم العاصي المتهتك، وكان في العرف اسم المؤمن مدحا له، ألا ترى أن من مدح إنسانا قال: هو مؤمن؟ واسم الكافر ذم له، وكذلك اسم الفاسق. ويد على ذلك: أن الكافر والفاسق يغضبان إذا قيل لهما: يا كافر، ويا فاسق، ويكرهان ذلك، وأن المؤمن يحب أن يقال له: يا مؤمن، ويرضى به، فلما صح أن الفاسق مذموم بفسقه، صح أنه لا يكون مذموما محمودا في وقت واحد؛ ولأن المدح والذم ضدان، ولا يجتمع ضدان في وقت واحد ومحل واحد، كما لا يجتمع السواد والبياض في محل واحد.
Page 222