149

فصل في الكلام في الاستطاعة

اختلفوا في الاستطاعة قبل الفعل وبعده (ومعه):

فعندنا وعند علماء المعتزلة أن الاستطاعة قبل الفعل، والاستطاعة الواحدة تكون على الشيء وضده، وإن الله لا يسلب عبده الاستطاعة على شيء ثم يأمره بفعله.

وقالت المجبرة من النجارية والجهمية والأشعرية: الاستطاعة مع الفعل، وقالوا: الاستطاعة على الكفر هي غير الاستطاعة على الإيمان، ولا تكون الاستطاعة على الشيء وضده، فمن كان مستطيعا للإيمان لا يكون مستطيعا للكفر، ومن كان مستطيعا للكفر لا يكون مستطيعا للإيمان، ودليلهم أنهم قالوا: إنا محتاجون إلى الله في كل وقت نحتاج فيه إلى الاستطاعة، فلما كانت حاجتنا إليه عند كل فعل، والتمكين منه عند كل شيء، علمنا أن استطاعتنا مع فعلنا. قالوا: ولأن أحدنا قد يريد الفعل قبل أن يريد الحركة، فإذا فعل تحرك، وإذا تحرك فعل، فصح الاستطاعة مع الفعل.

وقال أبو حنيفة، ومن قال بقوله من المرجئة، (وابن النجار) وابن التمار، ومن قال بقوله من الزيدية: الاستطاعة مع الفعل، والشيء الذي يفعل به الإيمان هو الشيء الذي يفعل به الكفر، وعلتهم: أن الكافر لما أمر بالإيمان، حول القوة والحركة التي كان يستعملها في الكفر.

وقال أبو حنيفة: الأمر مع الفعل.

وقال ابن التمار: الأمر قبل الفعل، وهو مشغول مع الفعل، ودليله: أنك لا تفعل فعلين في وقت واحد.

Page 209