148

Haqaiq Islam

حقائق الإسلام وأباطيل خصومه

Genres

أو كما جاء الحديث الشريف: «فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.» •••

ونحن لا نعرض لهذا البحث في موضوع الأخلاق الإسلامية إلا لأن الأديان جميعا تنظر إلى النعيم الإلهي كأنه المثل الأعلى للحياة الدنيوية، وليس في المثل الأعلى في الحياة - في عقيدة المسلم - ما يجعله على زعم المضللين من أعداء الإسلام جسدا محضا في أخلاقه وآدابه، أو يجور على الجانب الأخلاقي فيه، ومن أبى على دينه أن يكون في الأرض جسدا محضا فمن السخف أن يقال إنه يرتضي لنفسه أن يكون جسدا محضا في جوار الله الذي بلغ به الإسلام غاية ما يتصوره العقل والضمير من التنزيه.

وهذا قسطاس لا يخطئ في تقويم كل خلق حسن يستحبه الدين في المسلم؛ فإنه مأمور ألا ينسى نصيبه من الحياة الجسدية، ولكنه مأمور في الوقت نفسه أن ينظر إلى صفات الله الحسنى كما تجلت في أسمائه التي وردت في القرآن الكريم؛ فهي قبلته التي يهتدي بها في كل مكارم الأخلاق، لا يكلف أن يدرك منها شأو الكمال الإلهي، لكنه يكلف منها بما في وسعه كأنها قطب السماء الذي يهتدي به ملاح البحر وهو يعلم أنه فلكه الرفيع بعيد المنال. •••

والأخلاق التي يهتدي إليها المسلم بهدي الأسماء الحسنى كثيرة وافية بخير ما يتحراه الإنسان في مراتب الكمال المطلوبة لكمالها، مع عموم نفعها في حياة الفرد والجماعة، ومنها: العزة، والقدرة، والمتانة، والكرم، والإحسان، والرحمة، والود، والصبر، والعفو، والعدل، والصدق، والحكمة، والرشد، والحفاظ، والحلم، واللطف، والولاء، والسلام، والجمال.

وكلها منشود لأنه كمال لا يقاس إلا بمقياس الكمال، وإنه ليوافق مقياس القوة والتوسط والمصلحة الاجتماعية في أجمل مطالبها وأصحها على هدي الفكر وهدي الضمير، ثم لا تستوعبه مدرسة خاصة من هذه المدارس المتفرقة كما تستوعبه مدرسة الإسلام، أو مدرسة الكمال بهداية الأسماء الحسنى.

وخير للمجتمع الإنساني أن تقاس الأخلاق فيه بهذا القسطاس ولا تقاس بمنفعة تفسد بفساد المجتمع نفسه، وتنحرف مع انحراف نظرته إلى منافعه ومضاره؛ فإن المجتمع قد يصاب بآفات الذل والعجز والهزال والبخل والسوء والقسوة والبغضاء وسائر الآفات الموبقة من نقائض الخلائق الإلهية، فيصلحها الترياق من الدين، أو يصلحها أن تقلع عنها ولا يصلحها أن تتمادى فيها.

إن أدب الإسلام يخرج للمجتمع الإنسان الكامل، فيخرج له الإنسان الاجتماعي الكامل في أقوى صوره وفي أجملها.

يخرج له السوبرمان الذي لا يطغى على أحد، ويخرج له الجنتلمان الذي لا يسيء إلى أحد.

ومن عناية الإسلام بالتفصيل والاستيفاء في كل أمر من الأمور أنه يشفع الأصول بفروعها في مسائل الأخلاق ومسائل الفرائض والعبادات ... فمما لا خفاء به أن الرجل الذي يعرف العزة والصدق واللطف «جنتلمان» على أجمل ما تكون «الجنتلمانية» في رأي الرجل المهذب الكريم، ولكن الإسلام يستوفي صفاته بتفصيلاتها؛ لأنه يخاطب الناس كافة ويتوجه بالإرشاد إلى أحوج الناس إليه، فلا يدع الإرشاد إلى الآداب الاجتماعية في أدق تفصيلاتها التي تحسب من آداب المجاملات في اللقاء والتحية بين الناس، أو في عرف السلوك في المحضر والمغيب.

لا يدخل أحد بيتا حتى يستأذن:

Unknown page