Haqaiq Islam
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Genres
شاع عن الإسلام أنه دين السيف، وهو قول يصح في هذا الدين إذا أراد قائله أنه دين يفرض الجهاد ومنه الجهاد بالسلاح، ولكنه غلط بين إذا أريد به أن الإسلام قد انتشر بحد السيف أو أنه يضع القتال في موضع الإقناع.
وقد فطن لسخف هذا الادعاء كاتب غربي كبير هو توماس كارليل صاحب كتاب: «الأبطال وعبادة البطولة»؛ فإنه اتخذ محمدا - عليه السلام - مثلا لبطولة النبوة، وقال ما معناه:
إن اتهامه بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس أو يستجيبوا لدعوته، فإذا آمن به من يقدرون على حرب خصومهم فقد آمنوا به طائعين مصدقين وتعرضوا للحرب من أعدائهم قبل أن يقدروا عليها.
والواقع الثابت في أخبار الدعوة الإسلامية أن المسلمين كانوا هم ضحايا القسر والتعذيب قبل أن يقدروا على دفع الأذى من مشركي قريش في مكة المكرمة؛ فهجروا ديارهم وتغربوا من أهليهم حتى بلغوا إلى الحبشة في هجرتهم، فهل يأمنون على أنفسهم في مدينة عربية قبل التجائهم إلى «يثرب» وإقامتهم في جوار أخوال النبي
صلى الله عليه وسلم ، مع ما بين المدينتين من التنافس الذي فتح للمسلمين بينهما ثغرة للأمان؟ ولم يكن أهل يثرب ليرحبوا بمقدمهم لولا ما بين القبيلتين الكبيرتين فيها «قبيلتي الأوس والخزرج» من نزاع على الإمارة فتح بينهما كذلك ثغرة أخرى يأوي إليها المسلمون بعد أن ضاق بهم جوار الكعبة، وهو الجوار الذي لم يضق من قبل بكل لائذيه في عهد الجاهلية.
ولم يعمد المسلمون قط إلى القوة إلا لمحارية القوة التي تصدهم عن الإقناع، فإذا رصدت لهم الدولة القوية جنودها حاربوها؛ لأن القوة لا تحارب بالحجة والبينة، وإذا كفوا عنهم لم يتعرضوا لها بسوء.
لذلك سالموا الحبشة ولم يحاربوها، ولذلك حاربوا الفرس؛ لأن كسرى أرسل إلى عامله في اليمن يأمره بتأديب النبي أو ضرب عنقه وإرسال رأسه إليه. وحاربوا الروم؛ لأنهم أرسلوا طلائعهم إلى تبوك فبادرهم النبي
صلى الله عليه وسلم
بتجريد السرية المشهورة إلى تخوم الحجاز الشمالية، وعادت السرية بغير قتال حين وجدت في تبوك أن الروم لا يتأهبون للزحف على بلاد العرب ذلك العام.
ولم يفاتح النبي
Unknown page