لا لأنني أرتاب في حبك لأبيك، ولكن الذي علمته هو أن الزمن يولد الحب، ثم الذي شهدته أن الزمن بعد حين يلطف من حرارته، ويكبح من جماحه ... قد توجد في محور الاتقاد من الحب ذبالة، هي التي في النهاية تطفئ ضرامه، ولا شيء يبلغ التمام، فيدوم له، وإنما يتوقع الزوال متى قيل تم. إن الذي تريده يجب فعله حين الإرادة، وإلا أحاط بالمشيئة من آثار الأيدي، والألسنة، والحوادث، ما يحول قولنا «نريد» إلى قولنا «ما كان أحرانا» وضرر هذه العبارة، لا يقل عن ضرر التنهد الذي يرفه عن صاحبه، ويقعده عما نوى راضيا بعجزه، فإن شئت النجح، فافعل حين الجرح مهتاج، والألم مشتد، هذا «هملت» راجعا، ماذا أنت صانع لنرى بالفعل لا القول، أنك ابن أبيك؟
لايرتس :
سأجز عنقه حتى في داخل الكنيسة.
الملك :
لا يجدر مكان بأن يكون حرما يتقي فيه مرتكب القتل عقاب جنايته. ولا ينبغي أن يكون للثأر حد، أفتطاوعني يا «لايرتس» الشجاع؟ فافعل ما أوصيك به: الزم غرفتك، ومتى حضر «هملت» دسسنا إليه من يصف له براعتك، ويجدد في نفسه حزازة الشهرة التي جعلها لك ذلك الفرنسوي، فهو عندئذ سيتحداك للمبارزة، وسينقسم الناس: فريقين، متراهنين على رأس المغلوب منكما، ولما كان هو مشتت الذهن، سمح النفس للغاية، خلي القلب من كل غش، فهو لن يظن سوءا بالسيفين المعدين للمبارزة، فينسى بلا حيلة أو ببعض الحيلة أن يتخير النصل الذي لم يفل، وأن تضربه بحذق خفي تلك الضربة التي تستوفي بها ثأر أبيك.
لايرتس :
سأفعل، وسأزيد على ذلك أن أدهن سيفي بدهان قاتل باعه لي أحد المشعوذين فإذا خدش به جسم سرى فيه السم، ولم يدفع عنه القضاء بعلاج ولو عولج بأندر العقاقير التي ضوعفت قوتها بتأثير ضوء القمر، بهذا الطاعون سألون شفرتي حتى إذا وخزته بها، ذهبت بحياته.
الملك :
ولا تنس أمرا آخر. قد يتفق ألا ينفذ ما قصدناه، كما أردناه فيفتضح إذن سرنا، وينهتك سترنا ، فلا بد لنا على ذلك من استعداد ترتيب متمم، يكون موضعه من خطتنا، موضع الساقة من الجيش، فإذا لم تفلح التجربة الأولى، أفلحت بلا ريب الثانية. مهلا لنتدبر حل هذا المعضل. نراهن على كفاءة كل منكما ... وجدت. وجدت. إذا امتد القتال، وحررتما «أطل العراك ما استطعت لتظمئه» سآمر بكأس، مهيئة من قبل. فإن رشف منها رشفة كفانا السم الزعاف بقية القتال، لكن صه. ماذا أسمع؟ (تدخل الملكة)
أى شيء جرى يا مليكتي؟
Unknown page