Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Genres
ثم مرحلة السير في هذا الحب، ومجالات هذا السير الروحية، بما فيها من إلهامات وتجليات، ومواجيد وأشواق وحيرة ودهشة وعذاب.
والمحب هنا في عذاب ملهم، يعذب في بحثه عن مولاه، ويعذب في حبه له ، ويعذب في حيرته حيال جبروته وآياته.
والعذاب في الحب الإلهي أكبر خير يفيضه الله سبحانه على عبده ووليه المحبوب.
وإن لله سبحانه لنظرات وإشراقات وزيارات للقلب المحب المعذب المحترق، زيارات تهب ولها مقدسا، يعقبه هجران يدفع إلى دهشة محلقة.
ومن كل هذه الانفعالات تنبثق مواجيد المعرفة العليا، وتسبيحات الولاية العظمى، وينبثق فوق هذا وذاك في قلب المحب، فيض إلهي يعبر عن الإرادات الإلهية، ويقتبس من نورها وهداها.
وروح المحب الولي، هو وحده الذي يظفر بهذا الحب الإلهي، لا عن طريق الحلول التحيزي، بل بوساطة الفيض النوراني الذي يرفع أرواح الأولياء المحبين إلى المراتب القدسية.
وخلال هذا الفيض أو هذا الاتصال، تحدث الجذبة الروحية التي تصورها لنا تلك المناجاة المشعة المستمرة بين روح المحب ومحبوبه الأسمى الذي تشعر بوجوده في أعماقها.
وحينئذ تتوالى ضراعات الروح وترتفع إلى مولاها بكل آلامها وآمالها وأشواقها في لغة فوق لغة الألسن، وفي تصوير لا يمت إلى العلائق الدنيوية بصلة أو نسب.
يقول الحلاج: «اعلم أن العبد إذا وحد ربه فقد أثبت نفسه، ومن أثبت نفسه فقد أتى بالشرك الخفي، وإنما الله تعالى هو الذي وحد نفسه على لسان من يشاء من خلقه،
وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى .»
Unknown page