Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Genres
ولقد سئل عن المريد الصادق. فقال: «هو الرامي بقصده إلى الله عز وجل، فلا يعرج حتى يصل.»
وهي كلمة تصور لنا منهج الحلاج وهدفه الذي عاش له وبه، لقد رمى بقصده إلى الله سبحانه، وسخر كل ملكاته العقلية والروحية لتحقيق هذا الهدف، بل اتجه بكل أذواقه ومعارفه إلى آفاق هذا المعنى.
فكلمة التوحيد، وهي السطر الأول في كتاب الإسلام، لا تكون صدقا وحقا كما يقول الحلاج، إلا إذا عشناها وتذوقناها، وفنينا في معناها، حتى كأننا حين ننطقها نسمعها من الله جل جلاله، وحينئذ تنبثق في شغاف القلب، وعين الوجدان، ويموج كل شيء بالجلال والنور والمعرفة.
والقرآن الكريم كلام الله فيجب على المؤمن أن يتذوق حقائقه تذوقا روحيا، وأن تتمثل فيه هذه الحقائق تمثلا عمليا وإيجابيا.
ألم تقل السيدة عائشة - رضوان الله عليها - وهي تصف رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه: «كان خلقه القرآن.»
ويمشي الحلاج بهذا الفهم خطوات حتى يقول: «إن المؤمن الصادق يصل به الأمر حتى تكون «باسم الله» منه بمنزلة «كن» من الله سبحانه.»
أي إن «باسم الله» إن نطق بها من تحقق بحقائق القرآن، وتذوقها وعاش بها تكون «باسم الله» منه؛ لها من القوة والأثر ما لكلمة «كن» من الله سبحانه.
ومن كلمات شبابه التي تصور لنا منهجه قوله: «حقيقة المحبة قيامك مع محبوبك بخلع أوصافك والاتصاف بأوصافه.»
إنها البذرة التي ستخرج منها فلسفة الحلاج في مقام الفناء! ويقول الحلاج: «من لاحظ الأعمال حجب من المعمول له - الله - ومن لاحظ المعمول له حجب عن رؤية الأعمال.»
وهذه الصورة المثالية السامية التي تصورها لنا تلك الكلمة، سنجدها بصور أكمل وأسمى في جهاد الحلاج وتضحياته.
Unknown page