Hakadha Takallam Zaradusht
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Genres
إن الوجود يبدأ في كل لحظة، فعلى محور «هنا» تنفتح دوائر الأجواء «هنالك» فالمحور مرتكز في كل مكان وطريق الأبدية كله تعاريج.»
وعاد زارا إلى ابتسامه قائلا: يا لطيشكما! إنكما تعلمان جيدا ما وجب أن يتم في سبعة أيام، ويا للمسخ الذي زحف إلى داخل عنقي ليكتم أنفاسي، غير أنني قضمت عنقه بأسناني فقطعت رأسه ولفظته إلى بعيد، فأتيتما تعيدانه إلى نصابه.
أنا الآن متعب مما قضمت ولفظت، ولا أزال مريضا من إجهاضي.
لقد شهدتما كل هذا، فهل أردتما التلذذ بأشد أوجاعي أسوة بالناس؟ والإنسان أقسى حيوان في الوجود؛ لأنه لا يجد ارتياحا على الأرض إلا بمشاهدة المآسي ومصارعة الثيران والصلب، وما تمتع بلذة الجنان على أرضه إلا يوم اخترع الجحيم.
إذا ما صرخ رجل عظيم سارع صغير إلى نجدته والحسد يكاد يدلي لسانه من فمه، ولكنه يسمي هذا الحسد رحمة وإشفاقا.
انظر إلى صغار الناس وأخص منهم الشعراء بأي بيان ملتهب يشكون الدهر وتصاريفه، وإذا ما أصغيت إلى هذا الأنين الشاكي فلا يفوتنك أن تنصت لنبرات اللذة في كل شكوى.
إن الحياة تقول لمن يشكو، وهي تتحكم فيه بغمزة من عينيها: إنك عاشقي فانتظرني لحظة لأتفرغ لك.
ما يقسو حيوان على نفسه قساوة الإنسان، فإذا ما سمعت أنين من يدعون أنهم مرتكبو آثام وحملة صلبان وتائبون فتنصت إلى أنينهم وشكواهم تسمع فيها شهقات الشهوة المتلذذة.
وهل أقصد أنا الآن بما أقول أن أشكو الإنسان؟ أي نسري وأفعواني، إن الشر الأعظم ضروري للخير الأعظم بين الناس. هذا ما تعلمته وما تعلمت سواه حتى الآن.
إن الشر الأعظم لخير ما في قوة الإنسان؛ لأنه الحجر الأشد صلابة لنحت المبدع، وعلى الإنسان أن يتكامل في خيره وفي شره.
Unknown page